الباب الأول من أبواب الكتاب: باب الأمر
  ومنها: أنه لا يجب على المكلف التكفير بالكفارة بعنيها حالت التكفير؛ إذ من المحال تحصيل ما هو حاصل.
  ومنها: أن هذا الوجوب لا يجوز أن يتعين بكفارة من الثلاث قبل الشروع؛ لأنه تكليف مالا يعلم.
  ومنها: أنه لا يجوز أن يتعين في علم الله مالا يتعين في نفسه، ثُمَّ قال: فقد بان أن المسألة عريضة الدعوى، قليلة الجدوى، وإنما يتكلم فيها على انتقاد العبارة.
  وقال (الجمهور) من العلماء: ليس الخلاف لفظياً، (بل) الخلاف (معنوي) وإليه ذهب الشيخ الحسن الرصاص، (وتظهر فائدته فيمن حلف بعد حنثه) إذ قبل الحنث لا واجب عليه منها (وقبل تكفيره) إذ بعد التكفير أيضاً لا واجب عليه منها، إذا حلف (بالطلاق ما عليه عتق: فيقع) الطلاق (على الأوَّل) وهو مذهبنا، ويأثم ويكون غموساً؛ لأن كل منها بخصوصه يوصف بالوجوب، (ولا يقع على الثاني) وهو من يقول أن الواجب واحد لا بعينه، (و) لا يقع أيضاً على (الثالث) وهو الذي يقول أن الواجب معين عند الله تعالى، وإنما لم يقع عليهما (إذ) الواجب مبهم، و (الأصل براءة الذمة، ويقع على الرابع بالعتق) لتعلق الواجب به، (وقيل: لا) يقع بالعتق على هذا القول (إذ لم يتعين الوجوب فيه إلا بفعله) فلم يكن عليه وجوب سابق.
  (و) من أحكام المخير أنه (قد يكون الجمع بين) الأمور (المخير فيها مندوباً كالكفارات، و) قد يكون (محظوراً كتزويج الكفوين) الخاطبين في وقتٍ واحد، فإنه في الأصل مخير بين أن يزوج هذا وهذا، ولكن بعد فعل أحدهما يكون محظوراً.
  (و) من أحكامه في الكفارات خاصة أنها (إذا فعلت معاً) أي جميعها (فإن كانت مرتبة فالواجب أولها) أي فالذي سقط به الوجوب، وحصل عليه ثواب الواجب أولها، (ويستحق عليه ثواب واجب مخير) قيل: وهو ثواب سبعين مندوباً كما روى في بعض الأحاديث عنه ÷، قيل: وهو دون ثواب المعين إذ المعين أشق، (والأخيران) فعليهما (ندب، ويستحق عليهما ثواب الندب) إذ علم أنهما جميعاً طاعتان، وهذا كلام القاضي زيد.
  (وقيل) يستحق عليهما (ثواب واجبين لازم على تاركهما) لأجل هذا الترك بناء على أنهما صارا بعد فعل الأول واجبين مرخص، فيهما كالصوم في السفر، فإنه يصدق عليه أنه واجب لا ذم على تاركه لما صار رخصه في حقه، واختار هذا القاضي عبد الله.