الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: في بيان الاختلاف في كمية مقتضى الأمر

صفحة 373 - الجزء 1

  [٢] وقال (الإسفرائيني): إن الأمر (للتكرار) المستوعب (مدة العمر مع الإمكان - بوضعه -) متعلق بقوله للتكرار (لا للمرة إلا لقرينة) خارجة عن مجرد الصيغة، نحو: اقتل زيداً، فإن القتل لا يتكرر، فكان قرينة على إفادة المرة.

  [٣] وقال (متأخروا أئمتنا): كالمهدي والإمام وغيرهما (والكرخي والحاكم والجويني وغيرهم) كالآمدي وابن الحاجب والرازي وأتباعه: إنه (لمجرد طلب) إيقاع (الفعل، ولا يدل عليهما) أي على المرة والتكرار بوضعه.

  [٤] (وقيل): إنه (مشترك بينهما) أي المرة والتكرار.

  [٥] وقال (السكاكي: إن كان لقطع الواقع) أي إن كان المقصود بذلك الأمر أن يقطع الأمر ما هو واقع منه (فاللمرة، كقولنا للساكن: تحرك) فإنه لما كان الواقع منه السكون وقد أمره بقطعه بالحركة كان لمرة واحدة، (وإن كان لاتصاله) أي المقصود به إتصال فعل المأمور وثباته على ما هو عليه (فللإستمرار كقولنا للمتحرك: تحرك).

  [٦] (قيل بالوقف) وهو (إمَّا) للجهل بما وضعت لها الصيغة (بمعنى لا ندري هل هو حقيقة في المرة) كما قال الأولون، (أو التكرار) كما قال الإسفرائيني، (أو للمطلق من دون دلالة عليها) أي على شيء من المرة والتكرار كما قال الإمام ومن معه، (أو بمعنى أنه مشترك) ولا يمكن حمله على أحدهما؛ لأنه (مجرد عن القرينة) كما هو المفروض فيتوقف فيه؛ إذ كل مشترك مجرد عن القرينَة متردد فيه إمَّا مطلقاً أو مع التنافي كما نحن فيه.

  واعلم أن القول بالوقف لأجل الاشتراك ليس مغايراً للقول بالاشتراك، بل هو هو، فلو حذف قوله سابقاً وقيل مشترك بينهما كان أنسب.

  لنا: على الأول أن السيد إذا أمر عبده برفع حجر وظفر جدول، فإنه يعد ممتثلاً متى فعل ذلك مرة واحدة، ولا شك أن خطاب الله تعالى يجب حمله على ما تقتضيه اللغة.

  واعترض: بأنه إنما يصير ممتثلاً؛ لأن المأمور به وهو الحقيقة حصل في ضمن المرة، لا لأن الأمر ظاهر فيها، فإنه غير ظاهر لا فيها ولا في التكرار، بل في المشترك وتحصل في ضمنها، ولولا ذلك لما امتثل بالتكرار.

  القائلون بأنه للتكرار، قالوا: لو لم يكن الأمر للتكرار لما تكرر والصلاة والصوم وقد تكرر.