الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الأول من أبواب الكتاب: باب الأمر

صفحة 374 - الجزء 1

  قلنا: التكرار من غيره، وإن سلم فعارض بالحج فإنه أمر به ولا تكرار.

  القائلون بأنَّه لمجرد الطلب، قالوا: مدلول صيغة الأمر طلب حقيقة الفعل، والتكرار والمرة بالنسبة إلى الحقيقة أمرٌ خارجٌ، فيجب أن يحصل الامتثال بالحقيقة مع أيهما حصل، ولا يتقيد بأحدهما دون الآخر، إذ يعد ممتثلاً بمرة واحدة، لحصول الحقيقة ضمناً في ضمنه، لا لأنها تدل على المرة الواحدة بخصوصها، وبالتكرار لتحقق الحقيقة في ضمنه عليه كذلك، فظهر لك فائدة قول المصنف فيما سبق بوضعه - يعني أن القائلون بكون الأمر يفيد المرة - يقولون: إنه موضوع لها بخصوصها، والقائلين بكونه للقدر المشترك يقولون: إنَّه وإن حصلت فائدته بذلك، لكن ليس ذلك مقتضى وضعه، وإذا ثبت ذلك فمعنى اضرب، طلب ضرب ما، ولا يدل على صفة للضرب من تكرار أو مرة أو نحو لك.

  وأجيب: بأن هذا عين النزاع؛ إذ الخصم يدعي أنها للحقيقة المفيدة بالمرَّة أو التكرار، ولهذا اعترضه العضد بأنه لا يدل على عدم كون الصيغة للمرة أو للتكرار، بل على أن الفعل الذي هو من الأجزاء المادية لا يدل على ذلك، وهذا غير مفيد.

  ثُمَّ استشعر أنه كيف يدل على أحدهما ولا خفاء في احتمالهما ولهذا يقيد بكل منهما من غير تكرار ولا تناقض.

  فأجاب بأن المراد الدلالة بحسب الظهور لا النصوصية وهو لا ينافي الاحتمال فيفيد بما هي له لدفع الاحتمال، وبخلاف ما هو له للدلالة على كونها مصروفة عن الظاهر.

  القائلون بالاشتراك، قالوا: ورد في القرآن الكريم على الوجهين، والأصل حمل الكلام على الحقيقة فوجب الإشتراك.

  قلنا: يتبادر القدر المشترك فكان حقيقة فيه.

  السَّكاكي، قال: يفهم من العرف ما ذكره.

  قلنا: ذلك لأن كون المأمور على أحد الحالتين قرينة على أحد الأمرين، وكلامنا فيما لا قرينة فيه.

  القائلون بالوقف، قالوا: لو ثبت لثبت بدليل، والعقل لا مدخل له، والآحاد لا يفيد، والتواتر يمنع.

  قلنا: الجواب ما مرَّ من الاستقراء وأنّ الظن كاف في مدلولات الألفاظ.