الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: في بيان كون الأمر المطلق يفيد الفور أو التراخي أو غيرهما أو لا يفيد شيئا

صفحة 375 - الجزء 1

فصل: في بيان كون الأمر المطلق يفيد الفور أو التراخي أو غيرهما أو لا يفيد شيئاً

  (و) قد بين ذلك السيد ¦ بقوله: (القائلون بأنه) أي المطلق (للتكرار قائلون بأنه للفور) لا محالة؛ لأن زمان التكليف عندهم يستوعِب ما بين وقت الطلب إلى آخر العمر (فيعصي) عندهم (من أخَّر) لغير عذرٍ.

  (واختلف القائلون بأنه للمرة) هل هو للمرة أو لا؟:

  (فعند الهادي) إلى الحق رواه الإمام، (والناصر) للحق، (والمؤيد) بالله، (والقاضي جعفر⁣(⁣١) وأبي حنيفة ومالك وبعض أصحابهما أنه للفور) فيجب فعله في أوّل أوقات الإمكان، بعد سماع الأمر، وفهم المراد به، فإن أجزأ وجب فعله فيما بعده، لكنه قد أثم بالتأخير، فلذلك قال (فيعصي من أخر عن الوقت الأوّل) من أوقات الإمكان (و) الوقت (الثاني).

  (و) واختلف الذين قالوا بالفور: هل إذا ترك عن الوقت الأول بفعلٍ في الثاني بالأمر الأوَّل، فقال: الأكثر منهم (الوجوب فيه بذلك الأمر) لأن تقديره: افعل في الوقت الأول، فإن لم ففي الثاني ثُمَّ كذلك إلى انقطاع التكليف.

  وقال أبو الحسن (الكرخي وابو عبد الله: بل) لا يجب إلا (بدليل غيره) أي غير الأمر الأوَّل؛ لأن مقدورات القدر لا يصح عليها التقديم والتأخير، وإذا كان المأمور به من المقدورات التي يصح إيجادها فوراً، ثُمَّ لم يحدثها المأمور، ففعل تلك المقدورات بعد ذلك مستحيلٌ، وغيرها لم يؤمر به.

  وأجيب بوجهين:


(١) هو القاضي العلامة، شمس الدين: جعفر بن أحمد بن عبد السلام بن أبي يحيى البهلولي اليماني الأبناوي، كان إمام الزيدية وعالمها في عصره، ومن عيون أصحاب الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان، وكان من متكلمي المطرفية ثم انتقل إلى المخترعة، وهو الذي وصل بكتب أهل البيت $ من العراق في الأصول والفروع والمنقول والمسموع وعلوم القرآن والأخبار النبوية، وتصدى للرد على المطرفية والتحذير منهم باللسان والقلم ولقي منهم أذىً كثيراً وحاربوه محاربة شديدة، وله معهم مناظرات ومجادلات كثيرة، وله الكثير من المؤلفات التي تدل على تعمقه وبسطته في شتى فنون العلم، وألف في الأصول والفروع المؤلفات العديدة، وتوفي سنة (٥٧٣ هـ) , وقبره في هجرة سناع في مدينة حدة.