فصل: [في الأمر المقيد بوقت]
  قيل: وقوله (الأمر) من إقامة الظاهر مقام المضمر، ولو تركه لكان أولَى لعدم المقتضي له، ويمكن أن يكون المراد بالأمر التكليف والمضمر به للأمر، وإنما امتنع لفوات شرط التكليف وهو القدرة على الفعل، (إلا عند مجوز تكليف ما لا يطاق) إلا إذا كان المقصود التكميل خارج الوقت أو إيجاب القضاء كما إذا طهرت الحائض وبلغ الغلام، وقد بقي من وقت الصلاة ما يتسع ركعة، ومثله إذا طهرت أو بلغ في يوم من رمضان، ونحو أن ينذر الإنسان بصوم يوم يقدم زيد فيقدم وقد مضى من النهار بعضه، ونحو أن يحرم الإنسان بحجتين؛ لأن ذلك تسبيب لقضاء أحدهما.
  (و) الأمر المؤقت (بوقت يساويه) من غير زيادة ولا نقصان (كاليوم للصوم) فإنه (يتعلق الوجوب بجميعه) أي بكل جزء من أجزائه (على سواء) وهو الواجب المضيق.
  (و) المقيد (بوقت يزيد عليه) أي على الفعل (هو) الواجب (الموسع، كوقت أداء الصلاة) أي الاختياري المعين لقوله # «الوقت ما بين هذين»، ويعبر عنه الأصوليون بالواجب الموسع على سبيل المجاز؛ لأن الواجب وهو الفعل كالصلاة مثلاً ليس بموسع، وإنما الموسع الوقت الذي هو طرف لها الواقع فيه الواجب، وتقديراً الكلام الواجب الموسع وقته، ومعنى أداء الصلاة أي إخراجها من العدم إلى الوجود، والصلاة هي الهيئة الحاصلة من الأركان المخصوصة الواقعة في الوقت.
  (واختلف فيه) أي في وقت الاختيار؛ إذ ليس الخلاف في وقت الاضطرار هل الوجوب متعلق بتأديته في أي وقتٍ أراد المكلف أو يتعين في أول ذلك أو في آخره:
  (فعند أئمتنا وجمهور المعتزلة) منهم أبو علي، وأبو هاشم، وابن شجاع، والقاضي، (و) جمهور (الأشعرية) منهم الرازي، وابن الحاجب، (وبعض الفقهاء) رواه أبو الحسين عن بعض أصحاب الشافعي: أنه (يتعلق الوجوب بجميعه) أي بكل جزء من أجزائه (على سواء موسعاً) ذلك الوجوب (في أوله) إن شاء فعله فيه وإن شاء تركه، (مضيقاً في آخره) بأن لا يبقى من الوقت فوق ما يتسع له فحينئذ يتعين الفعل، فجميعه وقت لأدائه، ففي أي جزءٍ أوقعه فقد أوقعه في وقته، ومعنى إضافة الوجوب إلى جميع الوقت أن مصلحة الفاعل وهي اللطيفة تحصل بالفعل في أوله وأوسطه وآخره كاملة لا يفوت ولا ينقص بالفعل في بعضه دون بعض.
  قال (المنصور) بالله (والملاحمية: ومع التأخير) للفعل (لا يجب) على المكلف (العزم على فعله بعينه)، وقوله (في أوله) متعلق بالعزم أي لا يجب على من أخره العزم في أول وقتِ الموسَّع