الباب الأول من أبواب الكتاب: باب الأمر
  على فعله بخصوصه فيما بعده، (وإنما يجب العزم على الإتيان بكل واجب جملة) وذلك من أحكام الإيمان يثبت بثبوته وينتفي بانتفائه، وسواء دخل وقت الواجب أو لم يدخل، فلو عزم على ترك واجبٍ بعد عشرين سنة أثم وإن لم يدخل الوقت.
  وقال (أبو طالب والجمهور) من العلماء منهم الشيخان وابن شجاع: إذا أخر (يجب) على المكلف العزم عليه بخصوصه مع الذكر له، (ثُمَّ اختلفوا) بعد القول بوجوبه هل العزم بدل عنه أو لا؟:
  (فعند أبي طالب وأكثرهم) أي أكثر القائلين بوجوب العزم: (أنَّه) أي العزم المذكور (بدل عنه) أي بدل عن الفعل في ذلك الوقت، ولذلك وجب العزم عند هؤلاء.
  (وعند أقلهم) أي أقل القائلين بوجوب العزم أنه يجب العزم ولكنه (ليس ببدل) واختاره الشيخ الحسن، والقائلون بهذا فريقان منهم من يقول لا بدل لها أصلاً، ومنهم من يقول: لها بدل غير العزم بفعله الله.
  قال الدواري: وقال بعضهم البدل من تقديمها فعل يفعله الله والعزم مع ذلك واجبٌ.
  وقال بعضهم: العزم واجب وليس ببدل، ولا يجب على الله فعل شيء يكون بدلاً حكاه أبو طالب عن بعضهم.
  وقال (جمهور الشافعية): لا يتعلق الوجوب بجميعه (بل) يتعلق (بأوله) فقط، واختلفوا في حدِّ أول الوقت الذي هو وقت لتأديَة الواجب عندهم:
  فمنهم من قال: قدر الطهارة وفعل الصلاة.
  ومنهم من قال: نصف الوقت إلى أوله أول له.
  (و) هذا القول (خرجه أبو طالب للهادي) #، قال: الآسنوي: وهذا القول لا يعرف في مذهب الشافعي.
  قال: نعم، نقل الشافعي عن المتكلمين فقال: وقوم من أهل الكلام وغيرهم ممن يفتي بقول أنَّ وجوب الحج على الفور وأن وجوب الصلاة يختص بأول الوقت حتَّى لو أخره عن وقت الإمكان عصى(١).
(١) قلت: وحدثني شيخي العلامة محمد بن عز الدين حفظه الله أن لبعض الشافعية رسالة إلى المؤلف أنكر فيها هذا القول عن أحد من الشافعية أشد الإنكار.
=