الباب الأول من أبواب الكتاب: باب الأمر
  وقد حكي عن الشيخ أبي الحسن (الكرخي) أنه يقول: الواجب الموسع (موقوف على آخره) أي آخر الوقت، (فإن بلغه المكلف) وهو على صفة التكليف (ففرض) لانكشاف الوجوب عليه، (وإن لم يبلغه) بأن مات، (أو) بلغه لكن لم يستمر على صفة التكليف، بل (سقط تكليفه قبله) بجنون أو حيض قبل آخر الوقت (فنفل)، لانكشاف عدم الوجوب عليه.
  ورد: بأن الفعل لا يكسب حكماً بعد تقضيه ومضي وقته.
  لنا: أن الأمر قيد بجميع الوقت فلا يعرض فيه التخيير بين الفعل والعزم، ولا وجه لتخصيص أوله وآخره لتعلق الأمر به على سواء، فيكون القول بهما تحكماً باطلاً.
  ولنا أيضاً: إن كان وقته جزءاً معيناً، فإن كان آخر الوقت كان المصلي في غيره مقدماً لصلاته على الوقت، فلا يصح كقبل الزوال، وإن كان أوله كان المصلي في غيره قاضياً، فيكون بتأخيره له عن وقته عاصياً، كما لو أخر الظهر إلى وقت العصر، وكلاهما خلاف الإجماع.
  أبو طالب: ترك الواجب لا إلى بدلٍ غير جائز، وإلا لخرج عن كونه واجباً؛ إذ معنى واجب: ما يستحق الذَّم والعقاب على تركِه، فإذا لم يجب عليه فعله ولا فعل بدله خرج عن صفة الوجوبُ.
  وأمَّا أن البدل هو العزم فقال في المجزي: الدليل عليه ما تقرر في العقل والشرع من أنَّ العزم بدل عن كل فعل واجب بتراخٍ، ولا يتعين له بدل لا سيما فيما يتعلق بالحقوق كقضاء الدين ورد الودائع والمظالم والغصوب وما يجري مجراها، وإذا ثبت أن العزم في هذه المواضع يقوم مقام الفعل عند تعذره حكمنا بأن العزم بدل عن كل واجبٍ يحتاج إلى بدل، وإذا ثبت كونه في الأصول العقليّة بدلاً عن الواجبات، فاحتيج في الواجب الموسع فيه إلى بدل أقمناه مقامَه للدلالة التي ذكرناها.
  ودفع: بأن العزم لو صلح بدلاً لتأدى الواجب به وليس كذلك.
  قال المهدي: والصحيح قول من لم يجعل لها بدلاً في أول الوقت ووسطه؛ إذ المصلحة إنما هي فيما عين الله سبحانه وجوبه، ولم يعين إلا الصلاة دون العزم، ولما كانت المصلحة بفعلها مستوية في جميع أبعاض الوقت المضروب جاز التقديم والتأخير. انتهى.
  قال الشيخ لطف الله: وأمَّا الجواب عن القياس على الواجبات العقلية، فلعل القائلين بعدم وجوب العزم المذكور لا يسلمون وجوب العزم على كل من المذكورات بخصوصيَّة.
  القائل بوجوب العزم وليس ببدل، قال: لو جاز تأخير الصلاة من غير عزم للحقت بالنفل.