الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: في حكم الأمر المقيد بتأبيد أو شرط أو صفة، في التكرار وعدمه

صفحة 387 - الجزء 1

  برأسها ولا وجه لذكره هنا؛ إذ محله باب النسخ، (وفي جواز نسخه خلاف سيأتي) إنشاء الله تعالى في الناسخ والمنسوخ، والمختار جوازه.

  (و) الأمر (المقيد بالعام) أي بلفظٍ يفيد الكلية العموم (يقتضي التكرار) أي تكرار المأمور به بتكرر القيد (نحو: اكرمه كلما قام) فكلمة كلما تقتضي إكرامه كلما حصل القيام في أي وقت.

  (و) أما الأمر المقيد (بغيره) أي غير العام (من وصف) وهو هاهنا: ما علق به الحكم من غير أن يتناوله لفظ تعليل ولا لفظ شرط نحو قول الله تعالى {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ}⁣[النساء: ٩٢]، {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ}⁣[المائدة: ٣٨]، (أو شرط) ومعنى وصفنا له بالشرطيَّة أنَّه يقف عليه الأمر وليس بمؤثر فيه، ولا مؤثر فيما يؤثر فيه المؤثر، سواء ورد بلفظ الشرط أو لم يرد بلفظه، وذلك كالإحصان الواقف عليه الأمر بالرجم، وقد يعني أنَّه وارد بلفظ الشرط سواء كان شرطاً في الحقيقة أو علة مؤثرة:

  فالأوّل: نحو أن يقول الله سبحانه: ارجموا الزاني إن كان محصناً.

  والثاني: أن يقول: ارجموا زيداً إن كان زانياً.

  وذكر قاضي القضاة أنَّ الشرط هو المعقول الذي يتعقل به المشروط، وهذا يلزم أن تكون العلة شرطاً، وستأتي شروطه في باب الخصوص إنشاء الله تعالى، فما هذا حاله ففيه تفصيل، فنقول:

  (إن لم يكن فيهما) أي في الصفة والشرط أي في مدلولهما (التكرار) بأن يكون مما إذا فعل مرة لم يمكن فعله أخرى (لم يقتضِهِ) أي لم يقتض التكرار لعدم احتماله له، وذلك (نحو: ادفع إلى قاتل عمرو درهماً، واكسه إن قتل زيداً) إذ القتل لا يتكرر، فلا يتكرر المأمور به المعلق عليه لفظ الأمر به (وإن أمكن) في مدلولهما التكرار (فإن كانا علة في المعنى) أي كان مدلول كل منهما علة ثابتة بالدليل وإن لم يكن اللفظ صريحاً في التعليل (نحو) قوله تعالى ({الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}) (النور: ٢)، في الصفة فإنه قد علم أن الزنا كالتعليل، وقوله تعالى ({وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}) (المائدة: ٦)، في الشرط فإنه قد علم أن الجنابة علة لوجوب التطهير، من نحو قوله ÷ «الماء من الماء»، (وجب التكرار للفعل اتفافاً، للأمر) نفسه (عند القائلين إن مطلقه يقتضيه)، أو له (وللعلة) فقط (عند القائلين أنه لا يقتضيه)، للإجماع على وجوب اتباع العلة وإثبات الحكم بثبوتها، فإذا تكررت تكرر، (وإن كانا) أي مدلولا الصفة والشرط (غير علة نحو: اعطه درهماً حال قيامه، وإن دخلت السوق فاشتر