الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: في بيان معنى الإجزاء والخلاف فيه

صفحة 391 - الجزء 1

  بامتثال الأمر، فمن أدى الفعل على وفق الأمر باستكمال شرائطه فقد خرج عن عهدته؛ إذ لا يتوجه عليه الذم بعد ذلك، والثاني باطل أيضاً؛ لأن القضاء لا يتوجه في فعل قد أدي على شرطه. انتهى.

  قيل: وكان معنى قولهم يسقط القضاء أنه لا يجب الفعل معه مرة أخرى فيشمل ما يجب فعله في الوقت لانكشاف الخلل في فعله أولاً، ولعلهم يجيبون عن وجوب القضاء في الصلاة بظن الطهارة، بأنه وجب بأمر آخر لا بهذا الأمر، وتسمية المُعاد قضاء مجازاً لمشابهته القضاء لكونه مثل الأداء لكن فيه بعد. انتهى.

  ويرد على الأولين: مخالفة عرف العلماء من أنهم لا يطلقون الإجزاء إلا على ما يخرج عن عهدة الأمر ولا يجب قضاؤه.

  وعلى الثاني والثالث: أنه يلزم أن لا يوصف الفعل الذي لم يشرع قضاؤه إذا فعل على الوجه المأمور بإيقاعه كصلاة الجنازة بالإجزاء؛ إذ لا قضاء له حتَّى يسقط.

  فإن أجيب: بأن المراد بالقضاء الفعل مرة أخرى فهو في غاية البعد، فإذاً الصحيح ما قال في المقنع من أن المأمور به لا يخلو:

  إمَّا أن يكون مما شرع قضاؤه.

  أو يكون مما لم يشرع قضاؤه.

  فإن كان الأول فمعنى كون المأمور به مجزياً: أنه فُعِلَ على حد لا يلزم قضاؤه، بأن يقع لجامعاً لشرائطه.

  وإن كان الثاني فمعنى كونه مجزياً: أنه كافٍ في خروج المكلف عن عهدة الأمر به، فتلخص أن الإتيان بالمأمور به لا يفيد الإجزاء فيما شرع قضاؤه، ويفيد فيما لم يشرع، وإنما أخرنا هذا التفصيل بعدم ورود شيء مما قدمنا عليه.

  (و) هل (الخلاف) في المسألة (لفظي) بمعنى أنه راجع إلى أن مسمَّى الإجزاء ... أو معنوي، فقيل بالأول، (وقيل) بالثاني: وهو أنه (معنوي، وتظهر فائدته فيمن صلى بظن الطهارة، ثم انكشف له الحدث) فأتى بالمأمور به وخرج بذلك عن عهدة الأمر لعدم الذم حينئذ عليه مع عدم سقوط القضاء عنه، فيوصف بالإجزاء فعله على القول الأول لا على الثلاثة الأخر.

  (و) الإجزاء (إنما يوصف به ما له وجهان):