الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

[شرح بقية ألفاظ المقدمة]

صفحة 45 - الجزء 1

  غيرها أيضاً، وتيقن أيضاً أنها محتوية على محاسن البسيطة من (المصنفات المنتقدة) من انتقد إذا تخير وأخرج الضعيف من الحسن، (وجردتها عن الأمارات) وهي ما أفاد الظن، كظواهر الكتاب والسنَّة المتواترة والأحاديّة مطلقاً، (والأدلة) وهي النصوص من الكتاب والسنَّة المتواترة والإجماع المتواتر والقياس القطعي، وإنما جردها (اكتفاء) هو مفعول له (بشموس مسائلها والأهلة) قوله شموس مسائلها، تشبيه مؤكد، فإنَّه شبه مسائلها في وضوحها بالشموس المضيئة، والأهلَّة البهيَّة، فصار مثل قوله:

  والريح تعبث بالغصون وقد جرى ... ذهب الأصيل على لجين الماء

  أي ماءِ كاللجين، وهو الفضَّة، ولعمري إنَّها بهذا التشبيه جديرة وحرية، وجمعت الشموس والأهلة وإن كانت ليست إلا اثنين على تقدير شموس أخَر لو كانت لكانت على هذا الشكل، وكذلك الأهلة.

  (و) جرَّدها (تسهيلاً) مفعولٌ له عطف على اكتفاء، لما تضمن معنى جردتها، كأنه قال: أزلت عنها ما ذكره أولاً اكتفاءً وتسهيلاً (لحفظها، وتقليلاً للفظها، وإحالَة) منه لطالب الدليل (إلى أصولها) جمع أصلٍ، وهو المأخوذ منه كما يبين شرحه، (و) جردها (حثّاً للإخوان) والمراد بهم إخوان الدين، وهي الأخوة التي لا تنقطع في الآخرة (على شرح فصولها) فتحصل لهم الفائدة، وتحصل أيضاً منهم، فيكون بذلك كمال الأغراض (ولم أبالغ في اختصار لفظها صوناً) مفعولٌ له، لما تضمنه معنى لم أبالغ، كأنَّه قال: تركت المبالغة في الإختصار صوناً (لها عن الإلغاز) وهي التعمية، ولو لم يؤول الفعل المنفي بالمثبت على ما ذكر لكان المعنى: أن المبالغة في الإختصار لم تكن للصون عن الألغاز بل لأمرٍ آخر.

  قال سعد الدين: وهذا مبني على أصل ذكره الشيخ في دلائل الإعجاز: وهو أن من حكم النفي إذا دخل على كلام فيه تقييد على وجهٍ ما أن يتوجَّه إلى ذلك التقييد وأن يقع له خصوصاً، مثلاً إذا قيل: لما يأتك القوم أجمعون، كان نفياً للاجتماع، وهذا مما لا سبيل إلى الشك فيه.

  (ولا في بسطها) أي ولم أبالغ في بسطها، وهو الإطناب (لمنافاته الإيجاز) وهو أداء المقصود بأقل من عبارة متعارف الأوساط، وله معنى آخر وهو كونُه أقلَّ مما هو مقتضَى ظاهر المقام، (مع اقتفاء) أي اتباع (منهاج) أي طريق (المختصرين من أهل التصنيف) وهو في اللغة تمييز الأصناف بعضها عن بعضٍ، فاستعمل في التصنيف المعروف للتمييز الذي فيه، وذلك الاقتفاء (في حسن التهذيب) أي إزالة العيب، (والترصيف) وهو ضم الشيء إلى الشيء، ولم يذكر صاحب شمس العُلوم هذا مصدر لرصَّفِ،