فصل: [في النهي هل يدل على الفساد أم لا؟]
  (عند أبي حنيفة ومحمد) بن الحسن، (والشيخين) أبي علي، وأبي هاشم، (وأبي عبد الله) البصري، (و) أبي الحسن (الكرخي، والقاضي) عبد الجبار، (والحاكم، والقفال، وبعض الأشعرية).
  (وحيث يفسد المنهي عنه) يعني إذا علم فساد منهي عنه كما سيأتي من الصور على فسادها وهو منهي عنه (فلدليل) دل على فساده (غير) النهي كما سيتضح.
  (و) هؤلاء القائلون بعدم دلالته على الفساد (اختلفوا هل يدل على صحة المنهي عنه شرعاً قبل النهي أو لا) يدل عليها، كما لا يدل على الفساد:
  (فعن أبي حنيفة ومحمد: يدل عليها، وعند غيرهما لا يدل كما لا يدل على الفساد).
  وقال (أبو طالب والمنصور بالله وأكثر الفقهاء وبعض المتكلمين والظاهرية: بل يدل على الفساد في العبادات وغيرها).
  (ثُمَّ اختلفوا:) في طريق الدلالة (فأقلهم) منهم أبو طالب والمنصور # قال: يدل عليه (شرعاً) لا لغة.
  (و) قال (أكثرهم:) إنه يدل على الفساد (لغةً) أيضاً.
  (و) قالوا: (حيث لا يفسد المنهي عنه) كما سنبينه (فلدليل) دل على عدم فساده.
  وقال (جمهور أئمتنا وبعض الفقهاء وأبو الحسين وابن الملاحمي والرازي): بتفصيل وهو أنه (يدل على الفساد في العبادات دون غيرها إلا لدليل فيهما) أي دليل يدل على عدم الفساد في العبادات كما في الطواف على جمل مغصوب، أو يدل على الفساد في غيرها كالربا.
  قال الدواري: وبهذا التفصيل قال القاضي شمس الدين والشيخ الحسن وبعض الشافعية، وهذا القول هو الأجود.
  احتج الأولون: بما قاله في المقنع من أن الصحة والفساد يتعلقان بأحكام الفعل، فإن معنى وصف العبادة بالصحة في عرف العلماء أنها فعلت على حد لا يجب قضاؤها إذا كان قد شرع قضاؤها، ومعنى وصفهم لها بالفساد هو أنه يجب قضاؤها لفعلها على غير ذلك الحد، هذا في العبادات.
  وأمَّا في العقود والإيقاعات فمعنى وصف البيع بأنه صحيح هو أنه يصح فيه التصرف فيما تناوله العقد على ذلك الحد، وكذلك في الأنكحة والإجارات وما شاكلها، والنهي لا يفيد شيئاً من تلك الأحكام ضرورة، فإن وجوب القضاء وتركه وصحة التصرف وعدمها غير مستفاد من