الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الثاني من أبواب الكتاب: باب النهي

صفحة 409 - الجزء 1

  بعض النواهي ليس من أن يدل على اقتضاء النهي الفساد بأولَى من دلالة عدم وقوعه في بعضٍ، على أنَّه لا يدل على الفساد.

  القائلون بأنه يدل على الفساد لغة: استدلوا:

  أولاً: بما تقدم من استدلال العلماء بالنهي على الفساد.

  وأجيب: بأنه يدل على دلالته على الفساد شرعاً، وأما لغةً فلا، بل ذلك لفهم دلالته شرعاً لما تقدم من دليلنا على عدم دلالته لغة.

  وثانياً: بأن الأمر يقتضي الصحة والنهي نقيضه، والنقيضان مقتضاهما نقيضان، فيكون النهي مقتضياً لنقيض الصحة وهو الفساد.

  واعترض: بأن الأمر يقتضي الصحة شرعاً لا لغة، ونحن نقول بمثله في النهي، ومرادكم دلالته لغة ومثله ممنوع في الأمر، سلمنا ذلك، لكن المتقابلات لا يجب اختلاف أحكامها لجواز الاشتراك في لازمٍ واحدٍ فضلاً عن تناقض أحكامها، سلمنا وجوب تناقض أحكام المتقابلات، أعني النسب الإيجابية والسلبية، لكن لا نسلم أنه يستلزم المطلوب أعني كون المنهي مقتضياً للفساد، فإن حكم الأمر هو أنه يقتضي الصحة، فنقيضه أنه لا يقتضي الصحة، وهو أعم من اقتضى عدم الصحة، أعني الفساد، والأعم لا يستلزم الأخصّ.

  القائلون بالتفصيل قالوا: العبادة إنما تؤدَّى على سبيل القربة، ولا قربة في المعصية، فوجب أن لا تكون صحيحة بخلاف المعاملات، فلمَّا وجد في المنهي عنه ما لم يقض فيه بفساده كالذبح بسكين مغصوب، وليست قربة حكموا بعدم اقتضاء النهي فيها الفساد، وما قدمناه برشدك إلى الجواب عما قالوه.

  (و) الفساد (معناه في العبادات: البطلان) فيقال: صلاة فاسدة أي باطلة.

  (وفي غيرها من المعاملات) كالبيع والشراء والنكاح (والإيقاعات) كالطلاق والعتاق والنذر والوقف وكثير من مسائل الفروع، (البطلان أيضاً عند الناصر) للحق (والشافعي) لعدم الواسطعة بين الصحيح والباطل عندهما.