الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في بيان اتفاق الأمر والنهي واختلافهما]

صفحة 420 - الجزء 1

  سبب مريد وهو صفة فاعل الأمر، وسبب النهي الكراهة التي هو سبب كاره وهو صفة فاعل النهي، وإنما عدل المؤلف عن عبارة صاحب الجوهرة وهو أن كل واحدٍ منها يوصف بحال فاعله؛ لأن ظاهرها أن لفظ الأمر يوصف بمريد ولفظ النهي يوصف بكارهٍ، ولا قائل به.

  (و) الثالث: (أن الاستعلاء معتبر فيهما عرفاً) لا لغة.

  (و) الرابع: (أن يكون كل منهما مطلقاً، ومقيداً بشرطٍ أو صفة) فنقول في الأمر: أكرمه إن كان مؤمناً أو أكرم العلماء، وفي النهي لا تكرمه إن كان فاسقاً، ولا تكرم الجهال، (فنقضوا) أي المقيد (عليهما) أي على الشرط والصفة.

  (و) الخامس: (يشترط فيهما الشروط المذكورة في حسن التكليف) بالإضافة إلى المكلف والمكلف بهذه فيما يتفقان.

  (ويختلفان) من أوجه ثمانية:

  الأول: (في أن لفظ الأمر مشترك) بين المعاني المقدم ذكرها.

  قلت: وهذا لا يتأتى على مذهبنا؛ لأن مذهبنا أنه حقيقة في الصيغة المخصوصة مجاز فيما عداها، فلا يستقيم هذا إلا على مذهب الشيخ الحسن ومن وافقه، (بخلاف لفظ النهي) فليس بمشترك.

  (و) الثاني: (في اختلاف صيغهما) فصيغة الأمر افعل، تفيد الطلب، وصيغة النهي لا تفعل تفيد المنع.

  (و) الثالث: (في أن الأمر المطلق يخرج عن عهدته بمرة على الأصح) من القولين السابقين، (ولا يخرج عن عهدة النهي المطلق إلا بدوام الإنتهاء على الأصح) من القولين السابقين أيضاً.

  (و) الرابع: (أن الأمر يقتضي حسن المأمور به، والنهي يقتضي قبح المنهي عنه).

  (و) الخامس: (أن المقصود من الأمر حصول الفعل) وللمقصود (من النهي الكف عنه).

  (و) السادس: (أن فاعل ما تناوله الأمر يسمى مطيعاً)، وفاعل (ما تناوله النهي يسمى عاصياً).

  (و) السابع: (أن الامر يفتقر إلى إرادتين) على قول أبي هاشم والقاضي الأولى (إرادة لفظه) أي إرادة إحداثه أمراً للمخاطب، (و) الثانية (إرادة مدلوله) أي إرادة حدوث المأمور به، ولا يحتاج إلى أكثر من ذلك.

  وقال أبو علي: بل يحتاج إلى هاتين الإرادتين، وإرادة كونه أمراً أي إرادة إحداث لفظ الأمر مجرداً عن إرادة كونه أمراً للمخاطب، فإن تلك هي الإرادة الأولى، وهذا الذي نقلناه في تحقيق القولين هو الذي ذكره المهدي وابن متويه، واسترجح المهدي قول أبي هاشم واستدل له بأن الداعي إنما يدعو إلى