فصل: [في معنى العام]
  مثل الرجال والمسلمين باعتبار الآحاد، ولزم أن يكون عمومه باعتبار أنه يتناول كل من الجموع كما هو وهم البعض، لا من الآحاد كما هو الحق، ولم يحتج إلى قوله باعتبار أمر اشتركت فيه.
  وغاية ما يمكن أن يقال: إن المراد مسميات ذلك اللفظ تحقيقاً كمن وما، أو مسميات ما اشتمل عليه ذلك اللفظ تحقيقاً كالرجال والمسلمين، أو تقديراً كالنساء، لأنه بمنزلة الجمع للفظ يرادف المرأة، وحينئذ يكون قيد باعتبار أمر اشتركت فيه للبيان والإيضاح.
  وقوله: (ضربة) أي دفعة واحدة، ليخرج نحو: رجل وامرأة، فإنه يدل على مسمياته لا دفعة، بل دفعات على البدل.
  (ويشمل) العام (النادر على الأصح) من القولين نظراً للعموم، وقيل: لا نظر للمقصود.
  قلنا: الندرة لا تخصص العموم، مثال: النادر الفيل في حديث أبي داود وغيره «لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل» فإن الفيل ذو خف، والمسابقة عليه نادرة، والأصح جوازها عليه لما تقدم، ومن ثَمَّ قد قال جماعة من العلماء: تدخل بنت الزنا عموم قوله تعالى {وَبَنَاتُكُمْ}[النساء: ٢٣]، وكذا حكم علمائنا بدخول الدود والدم في عموم قوله ÷ «الوضوء مما خرج»، فيتوضأ منهما إذا خرجا وإن ندرا، خلافاً لداود فلا ينقضان عنده.
  والجواب: ما سبق.
  ومن ذلك أيضاً: دخول المكاتب الذي سلم بعض مال الكتابة في قول أحدنا: كل مملوك لي حر.
  واعلم: أن غير المقصود وإن لم يكن نادراً يدخل تحت العموم كالنادر، ومثاله - ويدرك بالقرينة -: ما لو وكل أحدنا غيره بشراء عبيد فلان وفيهم من يعتق عليه ولم يعلم به، والصحيح صحة شراءه أخذاً بظاهر العموم.
  فأمّا لو قامت قرينة على قصد النادر دخل قطعاً وقصد به انتفاء صورة لم يدخل قطعاً.
  (وهو) أي العموم (حقيقة في الألفاظ) فإذا قيل هذا لفظ عام صدق على سبيل الحقيقة اتفاقاً، (لأنه) أي العموم (من عوارضها) أي من عوارض الألفاظ، وهذا إعادة للدعوى بلفظ أظهر، والمعنى أنه معلوم، وضرب الألفاظ به بحيث لا نزاع فيه، والأصل في الإطلاق الحقيقة.
  وقال أبو الحسين: لأنه لا وجه يعلم به كون الاسم حقيقة من اطراد وغيره إلا وهو حاصل فيه.