الباب الثالث من أبواب الكتاب: باب العموم
  (و) كذلك النكرة في سياق (النهي والاستفهام) فالأول نحو: لا يركنن أحدٌ إلى الإحجام.
  والثاني: هل من أحدٍ عندك، والوجه أن النهي والاستفهام فيهما شبه من النفي.
  (ولا عموم فيها) أي في النكرة (في الإثبات) نحو: جاءني رجل وأكرمت امراةٍ، (إلا مجازاً بكثرة) كما (في المبتدأ) نحو: تمرة خير من جرادة، (وقلة) كما (في غيره) نحو: علمت نفس ما أحضرت.
  وذهب الغزالي والرازي وأكثر الأصوليين إلى أنها في الأمر للعموم نحو: اعتق رقبة دون الخبر؛ لأنه يعد ممتثلاً بأي رقبةٍ اعتقها.
  وأجيب: بأن ذلك لفظ صالح لكل ما يطلق عليه على جهة التواطئ فقط، ولهذا عُد ممتثلاً بذلك؛ إذ لو كان مستفاداً لجاز وصفه بألفاظ الجموع نحو: أعتق رقبة طوالاً.
  (والثاني): وهو المختلف في عمومه (الجنس المفرد كالرجل، واسم الجنس وهو ما يطلق على القليل والكثير) بلفظ الواحد، كالماء فإنه يعم القليل والكثير، وتسمية هذا باسم الجنس والرجل بالجنس، لعله مجرد اصطلاح، وأخذاً من قول نجم الدين في أواخر مبحث الخبر: وبيانه: مبني على مقدمة وهي أن اسم الجنس أعني الذي يقع على القليل والكثير بلفظ الواحد إلى قوله: فمعنى التراب يابس والماء بارد أي كل ما فيه هاتان الماهيتان حاله كذا، لكن الظاهر أنه لم يرد تخصيص مثل هذا باسم الجنس، فإنه قال: بعد هذا، فإذا تقرر هذا قلنا: إن الجنس الذي هو مصدر غير مفيد عند البصرية بحال تخصصه إلى قوله: فيكون المعنى كل ضرب منى إلى قوله: وأما عند الكوفية فالجنس عندهم، على أن ابن الحاجب في باب التمييز جعل الجنس ما يطلق على القليل والكثير في قوله: فيفرد إن كان جنساً، ولذلك قال نجم الدين: ويعني الجنس هاهنا ما يقع لفظ الواحد المجرد عن الوحدة منه أعنى القليل والكثير، فتمر وضرب جنس بخلاف رجل وفرس، فدلّ هذا وأمثاله على أن مثل هذا مجرد اصطلاح مع إرادة التفرقة بين ما يطلق على القليل والكثير وغيره من غير رجوع إلى قاعدة مقررة.
  (و) إذا عرفت ذلك فاعلم أن (مختار أئمتنا والجمهور) من العلماء: (عمومهما) أي الجنس واسم الجنس (إذا عرفا بالأداة) أي أداة التعريف، وإنما قال الأداة ولم يقل اللام ليكون أعم منها بحيث يشمل لغة أهل اليمن مثل: يرمي ورائي بامسهم وامسلمة، ولا بد أن يكون التعريف (لغير عهد) خارجي أي لم يشر به إلى حصةٍ معهودة بين المتكلم والمخاطب واحداً كان أو اثنين أو جماعة يقال: عهدت فلاناً إذا أدركته وألفيته وذلك لتقدم ذكره صريحاً أو كناية على ما هو معروف، وقوله (ولم