الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الثالث من أبواب الكتاب: باب العموم

صفحة 438 - الجزء 1

  (ومثلهما) أي ومثل الجنس واسم الجنس (الذي والتي لغير تعيين) فيخرج مثل قوله تعالى {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ}⁣[القصص: ٨٥]، ومثل {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ}⁣[يوسف: ٢٣]، {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ}⁣[المجادلة: ١].

  (خلافاً لأبي هاشم) قال القاضي عبد الله وقد قيل: إنه رجع عن هذا القول، (وأبي الحسين، و) الفقيه حميد (المحلي، والرازي) في نفي هؤلاء للعموم عنهما، فهما عندهم للجنس الصادق لبعض الأفراد كما في: لبست الثوب وشربت الماء.

  قالوا: مالم تقم قرينة على إرادة العموم، مثل قوله تعالى {وَالْعَصْرِ ١ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ٢}.

  (وقال الجويني والغزالي: لا عموم في الجنس) المعرَّف باللام كالرجل، (بخلاف اسم الجنس) كالماء، وهذه الرواية تخالف ما رواه صاحب الجمع وشارحه من أنهما يقولان: بنفي العموم عن المحلَّى باللام أعمَّ من أن يكون جنساً أو غير جنسٍ إذا لم يكن واحدُه بالتاء، كما قال صاحب الجمع وشارحه، وزاد الغزالي: وتميز واحده بالوحدة كالرجل، إذ يقال: رجل واحد، فإن تمييز واحده عن جنسه بالتاء وخلي عنها ولم يتميز بوصفه بالوحدة فإنه للاستغراق في الصورتين كالتمر والذَهب، كما في الصحيحين «الذهب بالذهب ربا إلا ها وها، والبر بالبر ربا إلا ها وها، والشعير بالشعير ربا إلا ها وها».

  قال شارح الجمع: وكان مراد إمام الحرمين حيث لم يمثل إلا بما يتميز واحدُه بالوحدة ما ذكره الغزالي، فحينئذٍ تستقيم رواية المؤلف عنهما.

  لنا: صحة الاستثناء فيما ذكروا أنه دليل الشمول والاستغراق؛ لأن الاستثناء إخراج بعض من كل، نحو قوله تعالى {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ٢ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا}⁣[العصر: ٣]، وذلك أكثر من أن يحصى في اسم الجنس، وفي الجنس حديث الصحيحين، وإكرام الذي أو التي تحتك إلا زيداً أو هنداً، وقد يقال: إنه يصح الاستثناء مما لا عموم فيه نحو: أكرم الرجال إلا زيداً؛ لأن حقيقته تحصل مع العموم، ومع عدمه فلا يدل صحته على العموم.

  وأيضاً فهو يؤكد بما يؤكد به العموم نحو قوله تعالى {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ}⁣[آل عمران: ٩٣].

  وأيضاً فهو ينعت بما ينعت به العموم كقوله تعالى {وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ}⁣[قّ: ١٠]، وكقوله تعالى {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ}⁣[النور: ٣١]، فكل ذلك يدل على العموم.

  ولنا: الاستقراء عن العرب.