الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الثالث من أبواب الكتاب: باب العموم

صفحة 439 - الجزء 1

  قال نجم الدين: فمعنى التراب يابس والماء بارد، أي كل ما فيه هاتان الماهيتان حاله كذا، فلو قلت مع قولهم: النوم ينقض الطهارة أنَّ النوم مع الجلوس لا ينقضها، لكان مناقضاً بظاهر ذلك اللفظ.

  احتج أبو هاشم: بأنه إذا قال: جمع الأمير الصاغة لم يتناول صاغة أهل الأرض، وكذلك إذا شربت الماء فإنه يفيد أنه لم يشرب جميع الماء.

  قلنا: لا نسلم أن معنى العموم جميع صاغة الدنيا، بل جميع صاغة بلده، سلمنا فإنما لم تفد ذلك لقرينة عقليَّة لو تجرد عنها أفاد الاستغراق، وهي أن العقل قاض بأنه لا يمكنه جميع صاغة الدنيا ولا شرب جميع الماء.

  احتج الغزالي: أمَّا على أنه يفيد العموم إذا كان واحدة بالتاء وجرد عنها: فلأنه لو لم يكن للعموم مع تجريده عنها لما كان للإتيان بها معنى، وكذا إذا لم يميز بالوحدة فإن عدم تمييزها قرينة عمومه.

  وأمَّا على أنه إذا ميَّز بالوحدة لم يفد العموم: فهو أن التمييز بالوحدة كرجلٍ واحدٍ ودينارٍ واحدٍ قرينة على صحة إرادتها، فلا يكون عاماً.

  قلنا: نجد الفرق ونعلمه بالاستقراء بين ما عين بالوحدة معرفاً ومنكراً، ولذا يصح الاستثناء بعد دخول اللام لا قبله.

  (ولا عموم في الجنس المضاف) نحو: عبدي وغلامي، ونحو ذلك وفاقاً للمؤيد، ذكر ما يدل عليه في الإفادة فيمن قال: امرأتي طالق، وهو قول أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، (خلافاً لابن عياش والمرتضى وأبي العباس) أخذاً لهما من قول من قال: امرأتي طالق فإنه يقع على جميع نسائه، إن لم يرد واحدة، ذكره في التذكرة (وابن الحاجب وغيرهم) من العلماء فإنهم حكموا بأنه يعم.

  لنا: أنه لم يسمع عن العرب وصفه بالجمع، والأصل عدمه، وعدم ورود الاستثناء كأن يقال مثلاً: امرأتي طالق إلا فلانة وهو دليل عدمه.

  قالوا: المعنى من كانت له امرأة فهي طالق؛ لأن النكرة إذا أضيفت إلى المعرفة لم تتخصص، مثل: حاجب الأمير فأكرمه فإنه يقتضي أن يكرم جميع حجاب الأمير.

  قلنا: النكرة إذا أضيفت إلى النفس فإنما تقتضي بوضعها تعريف المنكَّر، فإن كان المنكَّر عموماً كان عموماً، وإن كان خصوصاً كان خصوصاً، فقول القائل: غلامي مثلاً إنما أفاد تعريف