الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الثالث من أبواب الكتاب: باب العموم

صفحة 440 - الجزء 1

  الغلام بأنه غلامه، وكذلك الحكم أينما دخلت بالنفس علم ذلك بالاستقراء، وفهم التعميم من قولك: حاجب الأمير، غير مسلَّم، ولو سلم فلقرينةٍ اقتضت ذلك فيه.

  (فأمَّا اسم الجنس المضاف) نحو: ماء المطر، وتمر العراق، وزيت الشام، (فعامٌّ) أخذاً من استقراء كلامهم.

  (والجمع كالرجال، واسم الجمع وهو ما يطلق على ثلاثة فصاعداً)، وهذا حد شمله هو والجمع، وإذا أردنا إخراجه، قلنا: (بغير زنة الجمع، كالغنم إذا عُرِّفَتَا) أي الجمع واسمه (بالأداة، لغير عهدٍ) فيخرج من هذا جاءني الرجال - المعهودين بينك وبين مخاطبك -، واشتر الغنم - المعهودين كذلك -؛ لأن العهد يقتضي الأخصية، والعرفان والعموم يقتضيه.

  (ومثلهما) أي الجمع (الذين) كقوله تعالى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ}⁣[النور: ٦]، (واللاتي) كقوله تعالى {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ}⁣[النساء: ٣٤]، (وما يرادفهما) أي ما يرادف الذين واللاتي من الموصولات.

  (و) إذا عرفت هذا فاعلم أن (مختار أئمتنا والجمهور: عمومهما خلافاً لأبي هاشم) في نفيه للعموم، فهما عنده للجنس الصادق ببعض الأفراد كما في: تزوجت النساء، أو ملكت العبيد.

  والحجة لنا: أن الجمع واسمه يؤكدان بما يقتضي الاستغراق، وهو كل بالإجماع، كقوله تعالى {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ ٣٠}⁣[الحجر: ٣٠]، في الجمع، وكقوله تعالى {فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ ١٧٠}⁣[الشعراء: ١٧٠]، في اسم الجمع، فيجب كون المؤكد في أصله للاستغراق؛ لأن هذين اللفظين يطلق عليهما اسم التأكيد إجماعاً، والتأكيد هو تقوية الحكم الذي كان ثابتاً في الأصل، فلو لم يكن الاستغراق حاصلاً في الأصل وإنما حصل عنده الألفاظ ابتداء لم يكن تأثير هذه الألفاظ في تقوية هذا الحكم الأصلي، بل في إعطاء حكم جديد فكانتا مثبتتين للمجمل لا مؤكدتين، وحيث أجمعوا على أنهما مؤكدتان علمنا أن اقتضاء الاستغراق كان حاصلاً في الأصل.

  ولنا أيضاً: صحة الاستثناء.

  ولنا أيضاً: استحجاج أبي بكر على الأنصار بما رواه «الأئمة من قريش»، فلو لم يكن الجمع للاستغراق المعرف لما صحت هذه الحجَّة.

  احتج أبو هاشم: بأن صيغهما لو كانت للاستغراق لكانتا إذا استعملنا في العهد لزم إمَّا الاشتراك أو المجاز، وهما على خلاف الأصل، فوجب أن لا يفيد الاستغراق البتة.