الباب الثالث من أبواب الكتاب: باب العموم
  قلنا: لو صح ما ذكرتم لوجب حمل رجل على الجميع عملاً بالأولى؛ لأنه مثل الجميع في أنه يصح لكل واحدٍ على سبيل البدل، كما أن الجمع يصح لكل مرتبة.
  وقد يفرق: بأن جميع مراتب الجمع أحد حقائقه، وليس جميع أفراد المفرد أحد حقائقه.
  قالوا: ثانياً: لو لم يكن للعموم لكان مختصاً بالبعض، واللازم منتفٍ لعدم المختص، وامتناع التخصيص بلا مخصص.
  قلنا: أولاً: ما ذكرتموه منقوض برجلٍ ونحوه مما ليس للعموم ولا مختصاً ببعض، بل شائع يصلح للجميع.
  وثانياً: هو موضوع للجمع المشترك بين العموم والخصوص، ولا يلزم من عدم اعتبار قيد هذا لعموم اعتبار عدمه، حتَّى يلزم اعتبار القيد الآخر وهو الخصوص، فلا يلزم من عدم كونه للعموم كونه مختصاً بالبعض.
  (ولا) عموم (في اسم الجمع المنكر) مثل رهط لما قدمنا في الجمع المنكر (فأمَا المضمرات) فذكر قاضي القضاة في الدرس أن أبا علي حمل ذلك على الاستغراق، قال: ولم يحمل قوله: رأيت رجالاً على الاستغراق، وذكر في الشرح أنه لا يخلو: إمَّا أن تكون راجعة إلى ما قبلها أولا.
  (فإن كانت راجعة إلى ما قبلها: فحكمها حكمه في العموم) مثل: يا أيها الناس افعلوا، فما الضمير راجع إليه عام فيكون عاماً.
  (و) حكمها حكمه في (الخصوص) بأن تكون عائدة إلى جمع منكر مثل، قلت للرجالٍ افعلوا، فما هذا حاله لا يحمل على الاستغراق.
  (وإن كانت) المضمرات (على جهة المخاطبة) مثل: افعلوا، (فعامٌ عامه) أي وإن خوطب بها عاماً فهي عامَّة مثل: افعلوا والخطاب للأمَّة مثلاً.
  (وخاص خاصة) أي وإن خوطب بها خاصاً مثل: افعلوا، أو المخاطبون خاصون فهي خاصة.
  (و) اعلم أنه (لا عموم في لفظ سائر) في قولك: جاءني سائر القوم، (و) هو مأخوذ من السؤر بالهمزة فحينئذ (معناه باقي الشيء) فلا عموم فيه، وفي الحديث «فارق سايرهن» أي باقيهن.
  (لا) أن معناه (جملته) لما قدمناه، وقوله: (على الأصح) أشار إلى خلاف بعضهم أخذاً له من سور المدينَة وهو المحيط بها، وبه جزم الجوهري وغيره.
  والحاصل أن الكلام فيه عائد إلى النقل من أئمة اللغة.