فصل: [في ألفاظ العموم التي للمذكر والمؤنث ولهما معا]
فصل: [في ألفاظ العموم التي للمذكر والمؤنث ولهما معاً]
  (و) لا خلاف في أن (اللفظ العام منه ما يختص بالمذكر، كالرجال والذكور، ومنه ما يختص بالمؤنث كالنساء والإناث)، ولا يدخل تحته المذكر؛ إذ هو جمع أنثى، (ومنه) أي ومن اللفظ العام (ما يشملهما) أي المذكر والمؤنث (وهو: ما لا يظهر فيه تذكير ولا تأنيث كمن وما) هكذا ذكره العضد (عند الجمهور) من العلماء، وظاهر الجوهرة أنَّ هذا إجماع وليس بصحيح لظهور المخالف.
  لنا: الاتفاق على دخول الإماء في قول القائل: من دخل داري فهو حر، فيعتقن بالدخول، ولولا الظهور لما أجمع عليه عادة.
  قالوا: قد سُمع مئة ومئتان ومئات، فإذا أريد المؤنث ألحقت العلامة؛ لأن ثمرتها الفصل: بينهما.
  قلنا: ذلك زيادة لا يلتفت إليه لمخالفته استعمال الفصحاء، سلمنا، فلم يسمع مثله فيما.
  (فأمَّا جمع المذكر السالم) كالمؤمنين والمسلمين والذين (ونحوه) نحو: فعلوا ففيه خلاف (فيدخل فيه المؤنث تغليباً) وإلى هذا ذهبَ بعض الحنفية وأبو بكر الدقاق(١) وداود الظاهري؛ لأن المعروف من أهل اللسان تغليبهم المذكر على المؤنث عند اجتماعهما باتفاقٍ، ولو كانت ألف امرأة مع رجل واحد، قال الله تعالى {ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا}[النساء: ١٥٤]، والمراد بنو إسرائيل ورجالهم ونساؤهم، وقال {وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ}[البقرة: ٣٦]، والمراد آدم وحواء وإبليس لعنه الله، وهذا إنما يتصور بدخول النساء فيه، ولأجل أن لكلٍ من المذكر والمؤنث صيغة تخالف الآخر حكمنا بأن هذا على سبيل التغليب لا على سبيل الوضع، (خلافاً لبعض الأشعرية) فزعم أنه لا يدخل فيه المؤنث كذلك، وهو الأستاذ أبو إسحاق مستدلاً بما روي عن أم سلمة أنها قالت: يا رسول الله، إن النساء قلن ما نرى الله ذكر إلا الرجّال، فأنزل الله تعالى {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ}[الأحزاب: ٣٥]، ومدلول قولها ما نرى الله ذكر إلا الرجال نفي ذكرهن لا خصوصاً ولا في ضمن العموم، وإلا لما صح الحصر، ولو كن داخلات لما صح نفي أم سلمة ذكرهن فلم يجز تقريره ÷ للنفي.
(١) الدقاق، هو: أبو بكر محمد بن محمد بن جعفر البغدادي الدقاق نسبه إلى الدقيق وعمله وبيعه، الشافعي الفقيه الأصولي، من علماء الشافعية، له في أصول الفقه مصنف على مذهب الشافعي، توفي سنة (٣٩٢) هـ.