الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في شمول الخطاب للعبيد]

صفحة 449 - الجزء 1

  (أئمتنا والجهمور) من العلماء: (والخطاب بالشرعيات) من الشارع بالناس والمؤمنين ونحوهما من الصيغ التي تتناول العبيد لغة (تشمل العبيد) شرعاً، فيعمهم الحكم (في حقه تعالى، وفي حق غيره خلافاً للأقلين).

  بعض الشافعية فقالوا: يختص بالأحرار فلا يعم العبيد الحكم.

  (وقال رازي الحنفية: الخطاب يشملهم في حقه تعالى) وهو العبادات (فقط) - أي لا في حق الغير وهي المعاملات -.

  لنا: أن العبيد من الناس والمؤمنين فيدخلون في الخطاب العام بهما قطعاً، وكونهم عبيداً لا يصلح مانعاً من ذلك.

  قالوا: أولاً: قد ثبت بالإجماع صرف منافع العبد إلى سيده، فلو كان داخلاً بالخطاب لكان صرفاً لمنافعه إلى غير سيده، وذلك تناقض، فيتبع الإجماع ويترك الظاهر.

  قلنا: لا نسلم صرف منافعه إلى سيده في جميع الأوقات، بل قد استثنى من ذلك الوقت الذي يتضيق أداء العبادة فيه، حتَّى لو أمره السيد في آخر وقت العصر الاضطراري مثلاً، - بحيث أنه لو أطاعه لفاتته - وجبت عليه الصلاة وعدم صرف منفعته حينئذ إلى سيده، وإذا ثبت هذا فلا تناقض، فلا تترك الظاهر؛ إذ لا تعارض، فاندفع ما ذكرتم، وتم ما أردنا.

  قالوا: ثانياً: خرج العبد عن خطاب الجهاد والجمعة والحج والعمرة والتبرعات والأقارير ونحوها، ولو كان الخطاب متناولاً بعمومِه لزم التخصيص، والأصل عدمه.

  قلنا: خروجه بدليل اقتضى خروجه، وذلك كخروج المريض والمسافر والحائض من العمومَات الدالة على وجوب الصوم والصلاة والجهاد، وذلك لا يدل على عدم تناولها لهم اتفاقاً، غايته أنه خلاف الأصل ارتكب لدليل، وهو جائز.

مسألة

  ما ورد على لسان الرسول # من العمومات المتناولة لغةً هل تعم الرسول أو لا؟

  فقال الأكثر: (ومثل) قوله تعالى ({يَا أَيُّهَا النَّاسُ}، ومثل) قوله تعالى ({يَا عِبَادِيَ}، يشمل الرسول مطلقاً) أي سواء اقترن بقل أو لا، (خلافاً لبعض المتكلمين والفقهاء مطلقاً) لذلك،