الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: اختلف في العام بعد تخصيصه هل هو حقيقة أو مجازا

صفحة 456 - الجزء 1

  وقال (القاضي) عبد الجبار: (إن خص بمنفصل: فمجاز، وإن خص بمتصل: فإن كان استثناء فمجاز، وإن كان صفة أو شرطاً فحقيقة، ولعل الغاية عنده كذلك) أي يكون التخصيص بها حقيقة.

  (وقيل: إن خص بلفظٍ متصلٍ أو منفصل: فحقيقة، وإن خص بمعنوي عقلي أو شرعي فمجاز).

  وقال (المنصور: إن كان الباقي هو السابق إلى الفهم عند إطلاق) لفظ (العموم، لا المخرج) فلا يسبق إلى الفهم (فحقيقة، وإلَّا) يكن الباقي هو السابق إلى الفهم عند إطلاق العموم بأن يكون المخرج يسبق إلى الفهم دخولَه (بمجازٍ).

  مثال الأوَّل: قوله تعالى {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}⁣[التوبة: ٥]، فإذا خص أهل الكتاب من ذلك فهو حقيقة؛ إذ السابق إلى الفهم من إطلاق المشركين أنهم عبدة الأوثان ونحوهم ممن جعل لله تعالى شريكاً.

  ومثال الثاني: لو قال قائل: لا تقتلوا أهل الكتاب، ثُمَّ خص اليهود من ذلك وأمر بقتلهم فإنه مجاز؛ لأنه خرج من العموم ما سبق إلى الفهم دخوله تحت العموم.

  وقال (الجويني): العموم (حقيقة في ما تناوله الباقي بعد التخصيص، مجاز في الاقتصار عليه) قال في البرهان: والذي أراه اجتماع جهتي الحقيقة والمجاز في اللفظ؛ لأن تناوله لحقيقة المسميات لا يجوز فيه، فهو في هذا الوجه حقيقة في التناول فقط، واختصاصه بها وقصوره عما عداها جهة من التجوز، والقول الكامل أن العمل واجب، واللفظ حقيقة في تناول الباقي مجازٌ في الاختصاص.

  (و) قال (الحفيد: كذلك) أي أن العموم حقيقة في تناوله الباقي، مجازٌ في الاقتصار عليه، لكن قال بذلك (في) التخصيص (المنفصل، لا) في التخصيص (المتصل) فهو حقيقة، وهو الذي لا يستقل كالاستثناء والصفة والشرط والغاية.

  قال الحفيد ما معناه: ولا تنافي في قولنا إنَّ التخصيص للعموم مع التخصيص المنفصل: حقيقة من وجه ومجاز من وجه لاختلاف الوجهين، فهو من حيث أن إفادته لما بقي داخل تحته حقيقة فيه؛ إذ الحقيقة ليس بأكثر من أن يفاد باللفظ ما وضع له، وهو حاصل في استفادة معنى الخلود لراكب الكبيرة مثلاً من آية الوعيد، وإن خرج التائب وصاحب الصغيرة، ومن حيث قصره على بعض ما يصلح له مجاز؛ إذ المجاز ليس بأكثر من أن يفاد باللفظ معنى لم يوضع للخصوص، وجائز كونه حقيقة باعتبار ومجاز باعتبار، وإذا تحققت كلام الحفيد وجدته لا وجه له؛ لأن