الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في حجية العام المخصص فيما بقي]

صفحة 458 - الجزء 1

  القائل بأن المخصص بالدلائل اللفظية حقيقة، قال: لو كانت الدلائل اللفظية توجب تجوزاً لكان مسلمون، والمسلم مجازاً الخ.

  وهذا أضعف مما قبله بالمرة لما أن المتصل كالجزء من الكلام كما في صورة الإلزام، فصلح جامعاً، وأما العميمة في غير المتصل مع ظهور الفرق وهو كون القيد في صورة الاتفاق غير مستقل كما في المخصص المتصل، أو مستقلاً في المنفصل، ولا يلزم من مجازية المقيد بالمستقل مجازية المقيد بغير المستقل، فلا وجه له.

  والمنصور - وكلامه مبناه على شاهد الحال - قال: الفهم يسبق فيما قاله إلى الباقي، فكأن العموم لم يتناوله.

  قلنا: لو كان لغير الكلام مدخَل في أن يصير به الكلام مع عدم تناوله لمدلوله حقيقة لجاز أن يقال: إن دلالة العقل وشاهد الحال والأفعال يصير بها الكلام حقيقة؛ إذ لا فرق بين دليل ودليل.

  احتج الجويني: بأن العام لتكرير الآحاد المتعددة، قال أهل العربية: معنى الرجال فلان وفلان وفلان إلى أن يستوعب، وإنما وضع الرجال اختصاراً، وإذا كان كذلك فلا شك في أنه في تكرير الآحاد، وإنما إذا بطل إرادة البعض لم يصر الباقي مجازاً، فكذا هنا.

  قلنا: إنا نمنع كونه لتكرار الآحاد، وإنما يقول أهل العربية ذلك لا لأنه مثله في جميع أحكامه، بل لبيان الحكمة في وضعه، بل العام ظاهر في الجميع، فإذا أخرج بعض خرج عما هو ظاهر فيه قطعاً، وهو معنى المجاز، والمتكرر استعمال كل واحد في واحدٍ، فإذا خرج بعض عن الإرادة بقي الباقي نصاً فيما تناوَله لم يتغير عن وضعه أصلاً.

  احتج الحفيد: بمثل ما احتج به الجويني في المنفصل: وفي المتصل فمثل حجَّة أبي الحسين، وخذ جوابه مما سبق مما قد عرفته.

فصل: [في حجية العام المخصص فيما بقي]

  وقد اختلف في العام المخصص هل هو حجة فيما بقي أو لا؟ إنما الكلام في المخصص بمبين، ولذا قال: (أمَّا ما خص بمجمل) أي مبهم غير معين، نحو أن يقال: هذا العام مخصص، أو لم يرد كل ما تناوله، (فليس بحجة في الباقي اتفاقاً) من القائلين بأنَّه حقيقة فيه أو مجاز، وإنما لم يصح لحالية الجهالة، (لا) إذا خص (بمبين) معلوماً كان المخصص أومجهولاً، وذلك كالربا حيث