الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في حجية العام المخصص فيما بقي]

صفحة 459 - الجزء 1

  خص من قوله تعالى {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ}⁣[البقرة: ٢٧٥]، إذا عرفت هذا فلا فرق عندنا بين مخصص (بمتصل أو منفصل) فيما هذا حاله (فحجة) فيما بقي (عند أئمتنا والجمهور).

  (وقال الكرخي) كذا نسبه في المعتمد والمحصول والمقنع، ونسبه في المنتهي إلى البلخي، قال المؤلف: ولعله سهو إذ لم يثبت ذلك عنه، (و) محمد (بن شجاع) ومن تابعهما من الحنفية: هو (حجة إذا خص بمتصلٍ لا منفصل) فليس بحجة، بناء: على أن التخصيص بالمنفصل: مجازٌ لا المتصل، وقد تقدم الكلام في ذلك.

  (وقيل) إن العام بعد التخصيص (حجة في أقل الجمع) من اثنين أو ثلاثة على الرأيين.

  وقال (أبو عبد الله) البصري: (إن أنبأ العام على الباقي قبل تخصيصه فحجة نحو) لفظ المشركين في قوله تعالى ({فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} فإنه ينبى عن قتل الحربي قبل إخراج الذمي) أي ينتقل الذهن إليه ويعلم حكمه، (وإلا) ينبى العام عن الباقي قبل تخصيصه (فليس بحجة نحو) لفظ السارق والسارقة في قوله تعالى ({وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}⁣[المائدة: ٣٨]، فإنه لا ينبي عن السارق للنصاب) وهو عشرة دراهم (من حرز قبل إخراج السارق) من عموم القطع (لدونه) أي لدون النصاب، (أو) قبل إخراج السارق (له) أي للنصاب (من غير حرزٍ)، ولا ينتقل الذهن إلى ذلك مالم ينبه الشارع على التفصيل، فإذا بطل العمل بالعموم في صورة انتفاء النصاب والحرز لم يعمل به في صورة وجودهما.

  وقال (أبو طالب) قال القاضي عبد الله: رواه عن شيخه أبي عبد الله البصري (والقاضي) عبد الجبار: (إن كان العام غير مفتقر إلى بيان) في إفادة مدلوله (قبل تخصيصه فحجة، نحو: اقتلوا المشركين) إذا أخرج منه أهل الكتاب، (وإلا) يكن غير مفتقر بل كان مفتقراً إلى بيان (فلا) يكون ذلك حجة، (نحو) قوله تعالى ({أَقِيمُوا الصَّلَاةَ} لأنه مفتقر إلى البيان قبل تخصيصه بالحائض) ولذلك قرنه صلى الله عليه بفعله، وقال: «صلوا كما رأيتموني أصلي» قال: فعند ذلك أيضاً يبقى مجملاً غير معلوم، فلا يصح للحجة.

  وقال (أبو ثور، وابن أبان: ليس بحجَّة) مطلقاً (لـ) ـأجل (إجماله).

  والحجة لنا: استدلال الصحابة بالعموم مع التخصيص كاستدلال فاطمة ^ على أبي بكر في ميراث أبيها عليه الصلاة والسلام بقوله عز من قائل {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ}⁣[النساء: ١١]، مع أنه مخصوص بالكافر، وكاستدلال العلماء بآية السرقة مع أنها مخصوصة بمن سبق ذكره، وبقوله تعالى {أَقِيمُوا الصَّلَاةَ} وخصوصه بالحائض.