الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في العموم الخاص بالنبي صلى الله عليه وآله]

صفحة 466 - الجزء 1

  والحجَّة لنا: أن مثله وضع لخطاب المفرد، وخطاب المفرد لا يتناول غيره لغة يعلم ذلك بالاستقراء وإجماع أئمة اللغة.

  وقد يقال: إن عدم التناول لغة لا ينافي العموم لجواز أن يتناول خطاب المفرد الغير عرفاً فيما إذا كان المخاطب قدوةً والغير أتباعاً وأشياعاً له.

  احتجَّا: بأن من له منصب الاقتدار إذا قيل: اركب لمناجزة العدو، واذهب لفتح البلد الفلانية أو نحوهما، فهم منه أن الأمر له ولأتباعه معه، وكذلك يقال: إنه كسر العدو وفتح المدينة، والمراد هو مع أتباعه، لأنهم الذين كسروا وفتحوا لا هو وحده.

  قلنا: فهم ذلك من الخطاب ممنوع، ولإن سلم فإنما يفهم بدليل، وهو أن المقصود وهو المناجزة أو الفتح موقوف على مشاركة أتباعه له بخلاف هذه الصورة، فإن قيام الرسول ونحوه مما لا يتوقف على مشاركة الأمة.

  قالوا: قال تعالى: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ}⁣[الأحزاب: ٣٧]، فأخبر أنه أباح ذلك ليكون مباحاً لأمته.

  قلنا: إنما نمنع الملازمة لجواز أن يتعدى إلى غيره بالقياس، والأمر كذلك فإنا نقطع أن الإلحاق للقياس وإباحة زينب له خاصة فلا يدل على الإباحة للغير.

  (و) المختار أنه (لا) عموم (في خطابِه ÷ لواحد ابتدأ) أي من دون سؤال، (وبعد سؤال) يعم جميع الأمَّة بصيغته، فلا يتناول الباقين (إلاَّ بقياسٍ) إذا ورد التعبد به بشرط أن يكون حاله كحالة غيره، (ونحوه) كقوله صلى الله عليه «حكمي على الواحد حكمي على الجماعة»، (خلافاً للحنابلة) فقالوا: يعم الباقين، ولعلهم لا يدعون ذلك بالصيغة بل بالقياس أو بقوله حكمي على الواحد حكمي على الجماعة، فيرتفع محل النزاع.

  لنا: ما تقدم من القطع بأن خطاب المفرد لا يتناول غيره.

  قالوا: حكمي على الواحد حكمي على الجماعة يأبى ما ذكرتم من عدم تناول حكم الواحد للجميع بصريحه.

  قلنا: لا نسلم كونه يأباه؛ لأنه محمول على أنه يعم بالقياس، أو بهذا الدليل لا أن خطاب الواحد خطابٌ للجميع لغةً، وفيه وقع النزاع.