الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الثالث من أبواب الكتاب: باب العموم

صفحة 467 - الجزء 1

  (و) المختار أنَّه (لا) عموم (في فعله المثبت، خلافاً لقوم) منهم القاضي وأبو رشيد⁣(⁣١) فزعموا أنه يعم.

  لنا: أن الحجة في المحكي لا في الحكاية، والذي رواه الصحابي يحتمل أن يكون خاصاً وأن يكون عاماً، ومع الاحتمال لا يجوز القطع بالعموم.

  وأيضاً لا عموم فيه من طريق آخر (إذ) الفعل (لا يدل إلا على الحدث والزمان) أي حدوث الفعل في زمان (من غير نظر إلى شمول أو وحدة أو تكرار) لكن المرة من ضروراته، (فلا يكون عاماً في) جميع (أقسامه⁣(⁣٢) نحو) ما رواه الشيخان عن بلال أن النبي ÷ «(صلى داخل الكعبة» فلا يعم الفرض والنفل) إذ لا يشهد اللفظ بأكثر من صلاة واحدة، (ولا) يكون عاماً (في أوقاتٍه⁣(⁣٣)، نحو) ما رواه البخاري عن أنس أنه ÷ «(كان يجمع بين الصلاتين في السفر» فلا يعم وقتهما) أي جمع التقديم إلى وقت الأولى، والتأخير في وقت الثانية، وربما يوهم ذلك من قوله كان يفعل فإنه يفهم منه التكرار، كما إذا قيل: كان حاتم يكرم الضيف، وهو ليس مما ذكرنا في شيء؛ لأنه لا يفهم من الفعل وهو يجمع، بل من العرف.

  ولذلك قال المؤلف: (فأمَّا التكرار فيه) أي في كان يجمع (فمستفاد من العرف) وهو قول الراوي كان يفعل حتَّى لو قال: فعل زال التوهم، وكذا يوهم ذلك لما دخلت الأمَّة فيه فرفعه المصنف بقوله: (و) أمَّا (دخول الأمَّة في فعله⁣(⁣٤) صلى الله عليه) فإنه (بدليل خارجي)⁣(⁣٥) عن فعله مستفاد منه:

  إمَّا (من قول) في ذلك خاصة، مثل أن يصلي ثُمَّ يقول: «صلوا كما رأيتموني أصلي»، وكأن يحج ثُمَّ يقول «خذوا عني مناسككم».


(١) سعيد بن محمد بن حسن بن حاتم النيسابوري، أبو رشيد، أخذ عن القاضي عبدالجبار، واليه انتهت الرئاسة في المعتزلة بعد قاضي القضاة، وهو صاحب كتاب الخلاف بين البصريين والبغداديين، وله ديوان الأصول.

(٢) وهي المختلفات بالذات كالفرض والنفل، تمت من هامش النسخة (أ).

(٣) وعبارة العضد: جهاته: وهي المختلفات بالجنسيات، كالعشاء بعد الحمرة وبعد البياض، كما إذا قال (صلى بعد غيبوبة الشفق) فلا يعم الصلاة بعد الشفقين إلا أن يجعل المشترك عاماً في مفهوميه، تمت من هامش النسخة (أ).

(٤) الفعل ليس المراد به الإصطلاحي بل المراد به المقابل للقول، فتنبه، تمت من النسخة (أ)، وفي معناها في هامش النسخة الأصلية.

(٥) والتحقيق أن المفيد للإستمرار لفظ المضارع، وكان للدلالة على مضي ذلك المعنى، تمت من هامش النسخة (أ).