الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الثالث من أبواب الكتاب: باب العموم

صفحة 469 - الجزء 1

  فزعم أنها تدل على نفي الاستواء على جهة العموم (فلا يقتل مسلم بذمي عنده) ومستدلاً بأنه نكرة في سياق النفي؛ لأن الجملة نكرة باتفاق النحاة، ولذلك يوصف بها النكرة دون المعرفَة، فوجب التعميم كغيره من النكرات، فليس هذا قياساً في اللغة بل استدلال فيها بالاستقراء.

  وقد يقال: تصريح النحاة بأن التعريف والتنكير من خواص الاسم ينفى كون الجملة نكرة، والمحققون منهم على أن المراد بتنكير الجملة أن الجملة تنسبك منها نكرة، فالحق عموم الفعل لا من جهة تنكيره، بل من جهة ما يتضمنه من المصدر نكرة، فمعنى لا يستوي زيد وعمرو لا يثبت استوائيهما والله أعلم.

  (و) المختار أنه (لا) عموم (في ترك الاستفصال عن القضية كقوله ÷ لغيلان) بن سلمة الثقفي، وفي المحصول والمنتهى والحاوي والعقد وغيرها من كتب الأصول ابن غيلان، وهو وهم، الراوي له ابن عمر المخرج له الترمذي وغيره كما سيأتي (حين أسلم عن عشر نسوة «أمسك أربعاً وفارق سائرهن»،) ولم يسأله عن كيفية عقده عليهن في الجمع والترتيب.

  وإنما قلنا: إنه لا عموم (إذ لا ينزل الترك منزله عموم اللفظ) لأنه لا دلالة لأحدهما على الآخر، (خلافاً للشافعي) فزعم أن إطلاق القول دالاً على أنه لا فرق بين أن يتفق بين تلك العقود معاً أو على الترتيب.

  قال الرازي: وهذا فيه نظر لاحتمال أنه # عرف خصوص الحال، فأجاب بناء على معرفته ولم يستفصل.

  (و) المختار أنه (لا) عموم (في خطاب الموجودين) شفاهاً (نحو) قوله تعالى ({يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}) فإذا كان كذلك (فلا يشمل من بعدهم ممن سيوجد إلاَّ) بأحد أمرين إمَّا (بدليل آخر) غير ذلك الخطاب يدل على أن حكم من سيوجد حكم الموجودين، (من إجماع، أو نص، أو قياس، أو كونه) أي الشمول لمن سيوجد (معلوماً من ضرورة الدين) يعني أن مشاركة من سيوجد في خطاب الموجودين بالأحكام معلوماً من ضرورة الدين فيكون الشمول لأجله (لا لمجرد الصيغة) فلا يعم، (خلافاً للحنابلة) فقالوا: هو خطاب للموجودين ولمن سيأتي بعدهم.

  والحجة لنا: أنا نعلم قطعاً أنه لا يقال للمعدومين نحو: يا أيها الناس، وإنكاره مكابرة.

  ولنا أيضاً: أنه امتنع خطاب الصبي والمجنون بنحوه، وإذا لم يوجه نحوهم مع وجودهم لقصورهم عن الخطاب فالمعدوم أجدر أن يمنع؛ لأن تناوله أبعد.