الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في مبادئ أصول الفقه]

صفحة 53 - الجزء 1

  (و) أما حدَّه: (اصطلاحاً): فهو (العلم أو الظن للأحكام الشرعيَّة الفرعيَّة عن أدلتها التفصيلية) والعلم - وهو الإعتقاد الجازم المطابق الموجب لسكون النفس - كالجنس، لكنه هنا بمعنى الاسم لا المصدر.

  وقوله: (أو الظن): هو التجويز الراجح.

  وقوله: (للأحكام): وهي النسب التامة، مثل قولنا: الحج واجبٌ، ليخرج العلم بالذوات؛ إذ ليس بفقهٍ، وستقف على عدد الأحكام، وذكر حقائقها إن شاء الله تعالى.

  ثُمَّ الأحكام قد توجد لا من الشرع، بل من العقل والحس كالحكم بأن هذا مماثِلٌ لهذا أو مخالف له، وقد توجد من الشرع.

  فقلنا: (الشرعيَّة) احترازاً عن العقليَّة والحسيَّة؛ لأنَّه لا مدخل لهما في باب الفقه، ومعنى انتسابها إلى الشرع ثبوتُها به.

  قيل: وتلك المأخوذُة من الشرع:

  إمَّا أن لا تتعلق بكيفيَّة عملٍ وتسمّى اعتقادية: كقولنا: الباري سبحانه سميع بصير؛ لأن الغرض منها مجردُ اعتقاد لا عمل، وأصليَّة: لابتناء العمليات عليها، وفي جعلها مأخوذة من الشرع إشارة إلى أن الإعتقاديات وإن استقل بإثباتها العقل يجب أخذها من الشرع ليعتد بها.

  وإمَّا أن تتعلق بكيفيَّة عملٍ، وتسمى: عملية: كقولنا: الوتر مندوبٌ، إذ المقصود منها الأعمالُ، وفرعيّة: لابتنائها على اعتقادية، ولتعلقها بالعمل الذي هو فرع العلم، وهذا هو المقصود هنا دون قسيمه.

  لا يقال: فعلى هذا فرع لا فرعيَّة.

  لأنَّا نقول: هي فرع مخصوص ومنسوبة إلى الفرع المطلق.

  فإن قيل: مسائل الكلام من الإعتقاديات الأصليَّة، ومسائل الفقه من العمليات الفرعيَّة، فمسائل أصول الفقه من أي القبيلين.

  قلنا: هي من الأصلية الإعتقادية؛ لأن التعلق بكيفية العملِ يراد به ما هو بغير واسطةٍ كما هو المتبادر إلى الفهم، ومسائل الأصول وإن كانت متعلقة بكيفيَّة العمل، لكن ذلك بواسطة المسائل الفقهيَّة، فقد ظهر خروج المسائل الأصليَّة الإعتقاديَّة بقولنا (الفرعيَّة).