الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الرابع من أبواب الكتاب: باب الخصوص

صفحة 484 - الجزء 1

  الغاوين وهم أكثر من غيرهم بدليل قوله تعالى {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ١٠٣}⁣[يوسف: ١٠٣]، وكل من ليس بمؤمن غاوٍ، وينتج الأكثر غاوٍ، وإذا ثبت جواز استثناء الأكثر ثبت جواز استثناء المساوى بالطريق الأولى؛ لأنه أقرب.

  ولنا أيضاً: أن فقهاء الأمصار اتفقوا على أنه لو قال: علي عشرة إلا تسعة لم يلزم إلا واحد، ولو أن الاستثناء الأكثر ظاهر في موضع اللغة في بقاء الأقل لما وقع الاتفاق عليه عادة، ولصار قوم ولو قليلاً إلى أنه يلزمه العشرة لكون الاستثناء لغواً، لكونه غير صحيح كما في المستغرق.

  المشترطون لكونه أقل قالوا: الدليل يمنع الاستثناء؛ لأنه إنكار بعد إقرار وهو غير مقبول، لكن القليل يكون في معرض النسيان لقلة التفات النفس إليه، ولذلك خالفنا الدليل فيه فيبقى معمولاً به في غيره.

  قلنا: لا نسلم أن الدليل منعه، وأنه إنكار بعد إقرار؛ لأنه كجملة واحدة لما أنه إسناد بعد إخراج، سلمنا فالدليل متبع.

  الذاهبون إلى منعه في العدد الصريح قالوا: الاستثناء منه يعود عليه بالنقض، فيستلزم الكذب لنقضه لصريح الكلام، بخلاف غير العدد الصريح.

  قلنا: الإيهام كذب مع قولنا بأنه مجاز، وأن ثُمَّ قرينة، أو قولنا بالإخراج من قبل الحكم.

  احتج المانعون في الجبر دون الكسر: بأن اللفظ الموضوع للجبر تسعة لا عشرة إلاَّ درهماً بخلاف الكسر.

  والجواب من وجهين:

  أمَّا الأوَّل: فأنا نسلم ذلك ولكن غير ممتنع إقامة عشرة إلا درهماً مقام تسعة، لما قدمنا من عدم امتناعه لا من جهة القدرة واللغة ولا الحكمة.

  وأمَّا الثاني: فبالمعارضة وهو أن يقول: والكسر الموضوع له تسعة ونصف لا عشرة إلا نصف.

  (و) الشرط الثالث: (كونه من جنس المستثنى منه) كقولك: علي له مائة إلا درهم، فأمَّا إذا لم يكن من الجنس فلابد فيه من إضمار، والإضمار إمَّا فيه أو في المستثنى منه:

  أمَّا في الاستثناء، فنحو: قول القائل لزيد علي عشرة أثواب إلا ديناراً، أي ما قيمته دينار، والاستثناء دخل على معنى المستثنى منه وهو القيمة، فوقع الإضمار على الاستثناء.