الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الرابع من أبواب الكتاب: باب الخصوص

صفحة 488 - الجزء 1

  ثالثها: أن أهل العربية أجمعوا على أن الاستثناء إخراج بعض من كل، ولو أريد الباقي من الجارية لم يكن ثَمَّ كل وبعض وإخراج.

  رابعها: أنه يبطل النصوص كلها؛ إذ ما من لفظٍ إلا ويمكن الاستثناء لبعض مدلوله فيكون المراد هو الباقي، فلا يبقى نص في الكل، ونحن نعلم أن نحو عشرة نص في مدلوله.

  خامسها: أنا نعلم أنا نسقط الخارج من العشرة عنها، وأن المسند إليه هو الباقي بعد ذلك، فهذا المعنى معقول، فاللفظ دال عليه، فوجب تقديره عليه؛ إذ يجب إبقاء الألفاظ المفردة على وضعها ما أمكن.

  وأمَّا الثاني: فلا يستقيم أيضاً لوجوه:

  أولها: العلم بأنه خارج عن قانون العربية؛ إذ ليس في لغتهم مركب من ثلاثة ألفاظ، ولا يعزب الجزء الأول من المركب وهو غير مضاف أي كل ذلك علم بالاستقراء.

  ثانيها: أنه يلزم إعادة الضمير على جزء المركب وهو الجارية في نحو: اشتريت الجارية إلا بعضها، مع عدم دلالته فيه، فهو كما يرجع إلى شراً من تأبط شراً، ونحره من برق نحره، علمين، وأنه ممتنع.

  ثالثها: إجماع أهل اللغة الخ وهو أنه إخراج بعض من كل، وأنه يبطل النصوص؛ لأنها تصير مهملة في التركيب، وأنا نعلم أنا نسقط ثُمَّ نخرج كما تقدم.

  والتحقيق في هذا المقام: ما ذكره عضد الدين: وهو أن لفظ العشرة حقيقة في العشرة من الأفراد سواء كان مطلقاً أم مقيداً بإلا ثلاثة، ولا شيء من السبعة حقيقة عشرة أفراد؛ لأن الأعداد أنواع متباينة لا يصدق بعضها على البعض، فليس لفظ العشرة حقيقة في السبعة، ومعلوم أن الحكم في مثل علي عشرة إلا ثلاثة إنما هو على السبعة لا على غير.

  والمعنى الحقيقي لهذا التركيب أعني عشرة إلا ثلاثة: إمَّا أن يكون هو العشرة الموصوفة بإخراج الثلاثة فيكون مجازاً في السبعة كما هو مذهب الجمهور.

  وإما أن يكون الباقي من العشرة بعد إخراج الثلاثة فيكون حقيقة في السبعة؛ لأن يكون كلمة موضوعة بإزائها، بل بمعنى أن مفرداتها مستعملة في معانيها الحقيقة، ومحصل المجموع معنى يصدق على السبعة ولا يتبادر إلى الفهم غيرها، كما يطلق الطائر الولود على الخفاش من حيث أنه من أفراد هذا التركيب، وقد يعبر عن الشيء باسم الخاص، وقد يعبر عنه بمركب يدل على مركب يدل