الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الرابع من أبواب الكتاب: باب الخصوص

صفحة 489 - الجزء 1

  على بعض لوازمه وذلك في العدد ظاهر فإنك قد تنقص عدداً عن عدد حتَّى يبقى المقصود، وقد يضم عدد إلى عدد آخر حتَّى يحصل في العدد ذلك كما قال الشاعر:

  بنت سبع وأربع وثلاث ... هي حتف المتيم المشتاق

  فالمراد بنت أربع عشرة، ويعبر عنه بغيرهما كما يقال: العشرة جذر المائة، وضعف الخمسة، وربع الأربعين وغيرهما، وعلى هذا ينبغي أن يحمل كلام الباقلاني للقطع بأن المراد بالمفردات معانيها، فمرجع كلام ابن الحاجب وهو أن المراد بالعشرة مدلولها والحكم إنما هو على السبعة إلى أحد هذين المذهبين؛ لأن كون الحكم على السبعة إمَّا باعتبار أنها مدلول مجازي للتركيب، وأمر يصدق عليه معناه المتبادر منه إلى الفهم.

  قال سعد الدين: وأنا أقول ما ذكره المحقق من حقيقته المحال اعتراف بحقيقة المذهب الثالث ورجوع المذهبين الأولين إليه؛ لأن المركب سواء جعل حقيقة في المعنى الذي وقع الإسناد إليه أو مجازاً لم يكن بد لمفرداته من الاستعمال في معنى، فيكون لفظ العشرة مستعملاً في كمال معناها، والحكم بعد إخراج الثلاثة، وإلا لزم التناقص، أو كون العشرة مجاز عن السبعة، فلتتأمل.

  وأنت - بعد أن عرفت أن المراد بلفظ الجارية مجموع معناها، وإنما يفهم النصف من التركيب، ووصف الجارية بإخراج النصف عنها - خبير بأنه حينئذ لا يلزم الاستغراق، ولا التسلسل، ولا عود الضمير إلى غير ما هو المراد باللفظ، ويتحقق إخراج البعض من الكل، وحمل اللفظ على ما هو نص فيه، والإسناد إلى ما هو الباقي بعد الإسقاط.

  وأيضاً إذا لم يجعل المستثنى والمستثنى منه وآلة الاستثناء كلمة واحدة موضوعة بإزاء الباقي - بل كل منهما مستعملة في معناه، والمجموع المركب من الثلاثة موضوعاً لإزاء معنى يصدق على الباقي - لم يلزم من تركيب اسم واحد من أكثر من اللفظين، ولا إعراب صدر الكلمة، ولا عود الضمير إلى جزءِ منها، ولا بطلان إخراج البعض من الكل ونصوصية العشرة في معناها، والإسناد إلى الباقي بعد الإسقاط.

  إذ عرفت هذا (فهو) أي الاستثناء (على) القول (الأول: تخصيص) لأنه إخراج بعض ما تناوله العموم، وذلك حقيقة التخصيص.

  (وعلى) القول (الثاني) وهو قول الباقلاني: (ليس بتخصيص) لأنه إخراج بعض ما يتناوَله العموم، وهو هنا لم يخرج بعض ما تناوَله العموم، بل أريد بالمجموع نفس مسميات.