الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الرابع من أبواب الكتاب: باب الخصوص

صفحة 493 - الجزء 1

  (فيعود) الاسثتناء (في) الصورة (الأولى) وهي الإتفاق مطلقاً (و) في الصورة (الثانية) وهي الاختلاف مطلقاً (إلى) الجملة (الأخيرة) فقط:

  أمَّا في الأولى: فلأن الجملة تكرار ففائدته التأكيد، إلاَّ إذا قلنا: أن يكون الأمر يقتضي تكرار المأمور به فيكونان لمأمورين، فإنه يحتمل ويأتي فيه الخلاف.

  وأمَّا في الثانية: فلأن المتكلم لما عدل عن قصة أخرى وإلى كلام مستقل بنفسه علم أنه استوفى غرضه من الأول؛ لأنه لا شيء دل عن استيفاء الغرض وهو الكلام من العدول عنه إلى قصة أخرى ونوع آخر، وفي رجوع الاستثناء إليه نقض القول بأن المتكلم قد استوفى غرضه.

  (و) يعود الاستثناء (في) الصورة (الثالثة) وهي الإتفاق في الاسم فقط كالآية (إلى الجميع عند جمهور أئمتنا والشافعية) لأنه لا تنافي بينهما؛ لأنَّه أضمر في كل واحد شيئاً مما في الأولى، وقد جمعها غرض وهو الإهانة.

  (خلافاً لزيد) بن علي (والإمام) يحيى (والحنفية) فيرجع عندهم إلى الأخيرة (وهي) أي الصورة الثالثة (منشأ الخلاف) فعندنا تقبل شهادته لعموم الاستثناء، وعندهم لا تقبل، وكان مقتضى كلام أصحابنا رفع الحد أيضاً، لكنه صرف عنه الدليل الخارجي وهو كون الجلد حق آدمي فلا يسقط بالتوبة وإنما يسقط بإسقاط المستحق وذلك لا يقدح في الظهور.

  (و) يعود في الصورة (الرابعة) وهي الإتفاق في الحكم فقط، (و) في الصورة (الخامسة) وهي الاتفاق في النوع فقط (إلى الأخيرة) لعدول المتكلم عن الكلام الأوَّل، ودلالته على استيفاء غرضه منه.

  (و) يعود (في الثلاث البواقي) وهي الاتفاق في الاسم والحكم فقط، والإتفاق في الاسم والنوع فقط، والإتفاق في الحكم والنوع فقط (إلى الجميع) أمَّا في الصورتين الأولتين فلحصول ما دل على عدم الإضراب حيث أضمر فيهما، وأمَّا في الثالثة فلأن الحكمين قد اشتركا في الإعظام.

  لنا: على رجوع الاستثناء إلى جميع ما تقدم إذا لم يكن بعضه إضراباً أن القائل إذا قال لغيره: سلم على بني تميم واستأجرهم، علمنا أن غرضه من الكلام الأوَّل لم يتم وأنه لم يضرب كأنه قد أعلمه في الكلام الثاني، ألا ترى أنه قد أضاف إلى الاسم حكماً آخر، وكذلك إذا قال: سلم على بني تميم وربيعة؛ لأنه قد عزى ذلك الحكم إلى اسم آخر فيصير الكلامان مع حرف العطف كالجملة الواحدة، فرجوع الاستثناء إليهما كرجوعه إلى الجملة الواحدة، ويفارق ذلك إذا تميز كلٌّ واحد من الكلامين عن الآخر.