الباب الرابع من أبواب الكتاب: باب الخصوص
  في شيء نحو: إن أعتقت عبدي فزوجتي طالق، فإن العتق لا يوجد إلا دفعة واحدة (أو) كان (مركباً) من أجزاء متعددة إذا احتمل أحدها لم يصدق عليه تسميته بذلك الاسم، وذلك (كالإيمان) فإن له أجزاء لا يكمل إلا بها وهو قول باللسان وعمل بالأركان واعتقاد بالجنان، فلا يسمى إيماناً إلا ما جمعها، فإذا جعل شرطاً في حكم نحو: إن أعتقت عبدي أو آمن زيد فعبيدي أحراراً، (فحصول المشروط) بالشرط الوجودي الذي على أحد هذين القسمين المفرد والمركب (عند تمامه) أي الشرط وهو العتق والإيمان (وإن استحال وجوده) أي الشرط الوجودي المعلق عليه الحكم (دفعة) بأن كان يوجد لا دفعة واحدة، بل شيئاً فشيئاً وذلك (كالكلام) فإن له أجزاء يتركب منها وهي الحروف المعروفة المرتبة وهي مما يستحيل وجودها معاً لاختلاف المخارج، فإذ جعل الكلام شرطاً في حكمٍ نحو: إن قرأت قصيد امرأ القيس فأنت طالق، (فحصول المشروط) وهو الطلاق (عند تمام آخره) أي آخر الشرط؛ إذ لا يسمى قصيدة امرء القيس إلا بعد الفراغ من أجزائها، (وإن جاز فيه) أي في الشرط الوجودي المعلق عليه الحكم (الأمران) وهما وجوده دفعة ووجوده لا دفعة (كالعقل) حيث جعل شرطاً في التكليف فإن له عند بعضهم أجزاء وهي العلوم العشرة المعروفة وهي مما تنافي الحصول دفعة ولا دفعة، فما هذا حاله (فكذلك) أي فحصول المشروط عند تمام أجزاءه.
  (و) القسم الثاني من قسمي الشرط وهو: (العدمي) وقد تقدم تفسيره (نحو: إن لم) تدخل الدار فأنت طالق، (وإذا لم) يجيء زيد اليوم فمالي صدقة، (ومتى لم) أخرج من بغداد فعبيدي أحرار، (وفي تعيين وقتٍ) حصول الحكم (المشروط به تفصيل مذكور في كتب الفروع) وهو أنه لا يخلوا إمَّا أن يكون ممكناً نحو: إن لم تدخلي الدار ونحوها فأنت طالق، أو لا.
  فالأول: للتراخي مدة العمر فلا تطلق إلا بالموت، لانكشاف حصول شرط الطلاق وهو عدم الدخول، لأنا لانعرف عدم دخولها الدار وعدم إيجاده إلا بالموت، لجواز أن تفعل الدخول في اليوم أو غد إلى وقت موتها.
  والثاني نحو: إن لم تطلعي السماء فأنت طالق، فإنها تطلق فوراً لتحقق عدم طلوعها، فالحكم في القسمين جميعاً ثبت عند أول زمان ذلك العدم، إلا أن أول زمانه في الممكن قبيل الموت، وفي الباقي أول زمان بعد التكلم.