الباب الرابع من أبواب الكتاب: باب الخصوص
  (والجزاء المتأخر) على الشرط (متفق عليه) أي متفق على أنه جزاء فسقط أحكامه مثل: إن دخلت الدار فأنت طالق.
  (واختلف في) الكلام (المتقدم) على الشرط (مثل) أن تقول: (أكرمك إن دخلت الدار) هل يسمى جزاء أو لا، أو هل هو جزاء معنى فقط.
  (فعند جمهور النحاة) وهم البصريين (أنه جملة خبرية قدمت الأخبار بما فيها من النسبة) فيلزم وقوع الطلاق في الحال إذا قال: أنت طالق إن دخلت الدار، (لا) أنه (جزءاً) للشرط (لامتناع تقدمه) أي الجزاء (على الشرط) لكونه يقتضي التصدير، وتقدمه ينافيه، (ولعدم جزمه) إن كان مضارعاً عارياً عن الفاء، وجواب الشرط مع حصول هذا الشرط بحسب جزمه، ولا يجوز تركه بحال.
  قالوا: فلو كان جزاء لجزم سابقاً مستفيضاً على ماهو المختار عند عدم كون الشرط ماضياً، حتَّى أن صاحب الكشاف جعل اتفاق القراء على ترك الجزم بمنزلة الممتنع حيث استدل برفع تود في قوله تعالى: {وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا}[آل عمران: ٣٠]، على أن ما موصولة لا شرطية.
  قالوا: (والجزاء محذوف) تقديره: أكرمك إن دخلت الدار أكرمك، (لدلاته) أي المتقدم (عليه) أي على الجزاء، وإنما صير إليه مراعاة لتقدمه الواجب كما في الاستفهام والقسم.
  (والمختار وفاقاً للفراء وعبد القاهر) وبه قال الكوفيون والمبرد وأبو زيد روى ذلك صاحب التسهيل (أنه جزاء) قال الإمام: ويدل عليه أن الإجماع منعقد على أن القائل إذا قال: أنت طالق إن دخلت الدار فإنها لا تطلق إلا عند دخولها الدار، فلو كان ما تقدم خبراً مطلقاً وليس جواباً للشرط لوجب الحكم بطلاقها سواء دخلت أو لم تدخل، فلمَّا علمنا خلاف ذلك دل على صحة ما قلناه. انتهى.
  قال (ابن الحاجب) وهو (جزاء في المعنى لا في اللفظ) أمَّا أنه ليس بجزاء في اللفظ فلما تقدم، وأمَّا في المعنى فلما تقدم أيضاً، وهذا أجلى من ابن جمير، وأوضح من السراج المنير.
  والحق أنه لما كان المتقدم جملة مستقلة عومل معاملة المستقل لفظاً فلم يجزم، وأريد به الجزاء معنى، فقدر الجزاء لا على أنه مراد تعليقه بالشرط، وإن استقل لفظاً فلاستقلاله لفظاً ترك الجزم، وأطلق القول بأنه إخبار لا جزاء، ولعدم استقلاله معنى قدر للشرط جزاء يدل على أن هذا المستقل مقصود التعليق بالشرط، وأطلق القول بأن المذكور جزاء، والتحقيق ما ذكره ابن الحاجب من التفصيل.