الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

[أكثر الأحكام مظنون]

صفحة 55 - الجزء 1

  منها لا أدري وأجاب عن أربع، وأيضاً فالحوادث غير داخلة تحت حصر الحاصرين، وضبط المجتهدين، لعدم انقطاعها ما دامت الدنيا فهي غير متناهية بالنظر إلى هذا، وإن كانت متناهية بانقضاء التكليف فيلزم أن لا يوجد فقيه.

  وإمَّا بعض معين، ولا دليل عليه؛ إذ لا عهد، أو بعض له نسبة معينة إلى الكل كالنصف أو الأكثر، وهو رد إلى جهالة، لأن الكل مجهول الكمية، والجهل بكمية الكل يستلزم الجهل بكمية الكسور المضافة إليه من النصف وغيره، أو بعض مطلقٍ وإن قلّ وهو باطل؛ لأنه يستلزم أن يكون العالم بمسألة أو مسألتين فقيهاً، وليس كذلك اصطلاحاً.

  وقد أجيب: بأن المراد العلم بجميع الأحكام، ولا محذور؛ لأن العلم هنا بمعنى التهيؤ القريب المختص بالمجتهد، وهو أن يكون عنده ما يكفيه في استعلامِه بأن يرجع إليه فيحكم، وعدم العلم في الحالة الحاضرة لا تنافي فيه؛ لجواز أن يكون ذلك لتعارض الأدلة، أو لعدم التمكن من الإجتهاد في الحال [لاستدعائه بقاءه].

  وإطلاق العلم على مثل هذا التهيؤ شائع في العرف، فإنَّه يقال: لفلان علم النحو، ولا يراد أن مسائله حاضرة عنده على التفصيل، بل أن عنده ما يكفيه في استعلام مسائله، بأن يرجع إليه فيستخرجها، وهذا ما يقال: إن العلم عبارة عن ملكة بها يقتدر على إدراكات جزئية، وأن وجه الشبه بين العلم والحياة كونهما جهتي إدراك، والله أعلم.

[أكثر الأحكام مظنون]

  (و) تلك الأحكام (أكثرها مظنون) إذ أكثرُ أدلتها الظواهرُ والإجماعاتُ والقياسَاتُ الظنيَّةُ، وما كان دليله قطعياً كنص الكتاب والسنة المتواترة فهو قليلٌ بالنسبة إلى ذلك، وفي هذا إيماء إلى الرد على من زعم أنَّ الأحكام معلومة، واكتفى في تعريف الفقه بالعلم، وإلى فائدة زيادة قوله أو الظن.