الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في المخصص المنفصل: اللفظي]

صفحة 502 - الجزء 1

فصل: [في المخصص المنفصل: اللفظي]

  (و) القسم الثاني من قسمي المخصص (المنفصل) وهو (قسمان: لفظي) أي الذي التخصيص ملفوظاً به. (ومعنوي) بمعنى أنه ليس ملفوظاً به.

  (الأوَّل): وهو اللفظي (أربعة أنواع) لأنه لا يخلوا إمَّا: أن يكون وارداً عن الله، أو عن رسوله، أو ليس بواردٍ عنهما، وهذه الثلاثة إمَّا أن تكون بصريح اللفظ أو بمفهومه.

  (أولها: تخصيص الكتاب) العزيز (بالكتاب كآيتي العدتين) في قوله تعالى {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}⁣[الطلاق: ٤]، فإنه مخصص لقوله تعالى {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}⁣[البقرة: ٢٣٤]، أما عند الشافعي فظاهر، لأن عدة الحامل تنقضي بالوضع، تعجل أو تأخر، وأما على المذهب فلأن الحامل خارجة عن عموم آية الإعتداد بالأشهر في بعض الأحوال، وهي حيث تضع لفوق أربعة أشهر وعشر، هكذا مُثِّل، وقد تنازع في تيقن كونه ليس من باب النسخ.

  والمختار جوازه (ومنعه بعض الظاهرية) مستدلين بأنه لو كان الكتاب مخصصاً للكتاب لكان مخالفاً لقوله تعالى {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}⁣[النحل: ٤٤]، إذ التخصيص تبيين فيكون المبين هو الكتاب لا الرسول، فيلزم وقوع نقيض ما نطق به القرآن وهو محال.

  قلنا: إنه معارض بقوله تعالى في صفة القرآن {تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ}⁣[النحل: ٨٩]، والكتاب شيء فيجب أن يتناوله، والحق أن الكل ورد بلسانه فكان هو المبين تارة بالقرآن وتارة بالسنة، فلا مخالفة ولا تعارض.

  (و) يجوز أيضاً (تخصيص السنة به) أي بالكتاب، (ومنعه بعض الشافعية).

  لنا: لو لم يجز لم يقع، وقد وقع كتخصيص ما فعله ÷ من رد النساء بقوله تعالى {فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ}⁣[الممتحنة: ١٠]، وأيضاً قال تعالى {تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ}⁣[النحل: ٨٩]، فدخلت السنة.

  قالوا: قال تعالى {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ}⁣[النحل: ٨٩]، فيكون كلامه مبيناً للقرآن، فلا يكون القرآن مبيناً لكلامه.

  قلنا: قد تقدم أن الكل بلسانه فهو المبين بالقرآن.

  (والثاني) من أنواع التخصيص المنفصل: تخصيص (السنة بالسنة خلافاً لقوم) قليلين فمنعوا من ذلك.