الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في المخصص المنفصل: اللفظي]

صفحة 503 - الجزء 1

  لنا: لو لم يجز لم يقع وقد وقع، (كخبر الأوساق) في الصحيحين وهو قوله ÷ «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة»، (المخصص لقوله ÷) المروي في الصحيحين (فيما سقت السماء العشر) لأن الثاني يتناول ما دون خمسة أوسق، وقد أخرج بالأول.

  قالوا: قال تعالى {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}⁣[النحل: ٤٤]، السنة شيء وكل شيء فالقرآن تبياناً له فلا تبيين بالسنة.

  قلنا: لا استحالةٍ في اجتماع المبينات؛ لأنها معرفات لا مؤثرات أو نقول: إن البيان بالسنة في الحقيقة بيان بالقرآن.

  (و) يجوز أيضاً تخصيص (الكتاب) العزيز (بمتواترها) قولاً كان أو فعلاً، وقد وقع:

  أمَّا بالقول: فلأنهم خصصوا عموم قوله تعالى {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}⁣[النساء: ١١]، بقوله #: «القاتل عمداً لا يرث» مع الحكم بتواتره، وبقوله ÷ «لا يتوارث أهل ملتين».

  وأمَّا بالفعل: فلأنهم خصصوا قوله تعالى {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}⁣[النور: ٢]، بما روي عنه ÷ من رجم المحصن.

  (واختلف في تخصيص المعلوم فيهما) من الكتاب والسنة (بالأحادي) من السنة (فجوزه الفقهاء الأربعة) أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد (وغيرهم) من علمائنا وغيرهم (مطلقاً) سواء سبق تخصيص ذلك المعلوم بقطعي أو لا؛ لأن الصحابة خصوا القرآن بخبر الواحد من غير نكير، فكان إجماعاً.

  من ذلك: قوله تعالى {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ}⁣[النساء: ٢٤]، ويدخل فيه نكاح المرأة على عمتها وخالتها فخص بقوله ÷ «لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها».

  واعترض: بأنهم إن أجمعوا على خروج نحو ذلك من عموم النص والمخصص هو الإجماع لا السنة، وإلا فلا يسلم التخصيص بذلك؛ إذ لا دليل عليه فإنه لا يتصور فيه دليل سوى الإجماع، والفرض عدمه.

  والجواب: أنهم أجمعوا على التخصيص بأخبار الآحاد، حيث لم ينكروه لما وقع فلا يكون التخصيص فيه بالإجماع، بل بخبر الواحد ودليله الإجماع.

  (ومنعه بعض الأصوليين مطلقاً) سواء خص بقطعي أو ظني أو لم يخص.