الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الرابع من أبواب الكتاب: باب الخصوص

صفحة 510 - الجزء 1

  قلنا: الفعل لا دلالة له، إنما الدليل هو القول الأوَّل، ودليل الاتباع فيهما عامان، أمَّا الأول ففي كل المكلفين، وأمَّا الثاني ففي كل المكلفين جميع الأفعال، فلذا كان الأول أخص حيث لم يعم كل فعلٍ، فكان العمل به أولى.

  وقد يقال: الدليل مجموع دليل الاتباع مع الفعل ومجموعهما أخص من ذلك العام⁣(⁣١).

  أهل الوقف قالوا: تساوي العمل في العمومين ولا أولية للعمل بأحدهما دون الآخر، فوجب الوقف.

  قلنا: إنا نمنع عدم الأولوية لما قلنا من أن الجمع أولى.

  (ويعرف كونهما) أي الفعل والترك اللذين يختص بهما (مخصصين) للعموم (بوقوعهما بعد عام يشمله ÷ وغيره، ثُمَّ يفعل الضد أو يترك) الفعل الذي دل عليه القول العام وقد مثل سابقاً.

  (والثاني) من أنواع المخصص المتصل المعنوي (تقريره) ÷ (لمسلم) لا لكافر، كما إذا رأى يهودياً سائراً إلى كنيسة فإن تقريره لفعله لا يدل على تصويبه، لتركه ما هو أعظم منه وهو الكفر، وذلك التقرير (بفعل) لمسلم (أو ترك) له (معارض للعام) الوارد عنه ÷ بحظر الفعل أو الترك أو كراهتهما (مع كون ذلك الفعل أو الترك مما لا يمكن سهوه) لوجوبه، وكونه مما لا يتغافل (عن مثله ولم ينكره أحد) غيره، فإمَّا مع تكثر الأخذ فسكوته ÷ مقدر للنكير لا للفعل، (فهو) أي التقرير الجامع لهذه الشروط (مخصص) للعام (عند أئمتنا والجمهور) من العلماء (خلافاً لشذوذ) من الناس رواه القطب، وذلك التقرير الجامع للشروط (كنهيه) ÷ (عن النافلة بعد الفجر ثُمَّ تقريره من رآه يفعل ذلك) وهو قيس بن فهد الذي أخرج حديثه الشافعي، وهو أن قيس بن فهد صلى ركعتين بعد الفجر فقال: ما هاتان الركعتان؟ فقال: إني لم أكن صليت ركعتي الفجر، فسكت النبي ÷ ولم ينكر عليه، وأخرجه البيهقي من طريقة دون قوله: ولم ينكرعليه، وأخرجه أبو داود، لكن قال: عن قيس بن عمرو، وقال: رآني النبي صلى الله عليه


(١) قلنا: لانسلم أن للفعل دلالة على التأسي بوجه ما، بل الدال هو العام وحده، وإن سلم أن له دخلاً في الدلالة، فلا نسلم أن المجموع أخص، غايته المساواة، فإنه يستفاد من وصاله ÷ مع دليل التأسي العام عموم الجواز، كما يستفاد من قوله «الوصال حرام على كل مسلم» عموم التحريم، وحينئذ إن عمل بالقول المخالف لم يبطل الفعل وهو ظاهر، ولا دليل التأسي بالكلية، وإن عمل بالموافق للفعل معه لزم الإبطال للقول المخالف بالكلية، والإعمال أولى من الإهمال، تمت شرح غاية، تمت من هامش النسخة الأصلية.