الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [المخصص المنفصل المعنوي]

صفحة 512 - الجزء 1

  الطاهر دون الحائض، وعلى المقيم دون المسافر إلى غير ذلك، ولم يعلم هاهنا عدم الفارق، (و) هذا القول هو الحق وهو الذي (اختاره ابن الحاجب) لما ذكرناه، والله أعلم.

  (والثالث) من أنواع التخصيص المنفصل: المعنوي (القياس) المسند إلى نصٍ (واختلف في تخصيص العموم القطعي) مثبتاً مثل عموم قوله تعالى {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}⁣[النور: ٢]، (به) أي بالقياس كإقاسة العبد على الإماء في تنصيف الحد الوارد بقوله تعالى {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ}⁣[النساء: ٢٥]:

  (فجوزه أئمتنا والفقهاء الأربعة والجمهور) من العلماء كأبي هاشم وأبو الحسين والأشعري (مطلقاً) أي سواء خص بقطعي، أو كان القياس جلياً أو خفياً.

  (ومنعه أبو علي وبعض الفقهاء مطلقاً).

  وقال (ابن أبان: إن سبق تخصيصه) أي العموم (بقطعي) إمَّا متصل أو منفصل: (جاز) التخصيص للعموم بالقياس (وإلا) يسبق تخصيصه بقطعي (امتنع) التخصيص بالقياس، (ووافقه) أبو الحسن (الكرخي في المنفصل) فقال: يجوز تخصيص العموم بالقياس إن سبق تخصيصه بقطعي منفصل.

  وقال (ابن سريج) وغيره من فقهاء الشافعية (يجوز) تخصيص العموم بالقياس لكن لا مطلقاً بل (إذا كان القياس جلياً) لا إذا كان خفياً، فلا يجوز.

  وقال (الإمام) يحيى (والغزالي): هو (محل اجتهاد).

  (وتوقف الجويني والباقلاني) في التخصيص بالقياس وعدمه.

  (ومقتضى كلام أئمتنا والمعتزلة جوازه) أي تخصيص العام القطعي بالقياس (في) العام (العملي) الذي يتعلق به كيفية عملٍ (لا) في العام (العلمي) الذي يطلب فيه العلم بها فلا يخصص (إلا بقياس قطعي).

  لنا: إن العموم والقياس متعارضان في القدر الذي تناوله، فيبنى العام على مقتضى القياس؛ لأن الجمع بين الأدلة مهما أمكن هو الواجب، هذا في العملي وأمَّا في العلمي فلما تقدم آنفاً.

  احتج أبو علي: بأنه لو قدم القياس على عموم الخبر لزم تقديم الأضعف على الأقوى؛ لأن الخبر يجتهد فيه في أمرين: السند والدلالة، والقياس يجتهد فيه في ستة أمور: حكم الأصل، وعلته، ووجودها، وخلوها من المعارضة فيه، ووجودها في الفروع، وخلوها عن المعارض فيه مع الأمرين المتقدمين إن كان الأصل الخبر، وأنه باطلٌ.