الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الرابع من أبواب الكتاب: باب الخصوص

صفحة 514 - الجزء 1

  (خلافاً للباقلاني وغيره) فعندهم أنها قطعية لما تقدم من وجوب العمل بالراجح؛ لأنه لو لم يعمل به، فإما أن يعمل به بالطرفين فيجتمع النقيضان، أو لا يعمل شيء منهما فيرتفع النقيضان، أو يعمل بالمرجوح وهو خلاف المعقول.

  وهل الخلاف لفظي أو معنوي؟.

  ظاهر عبارة ابن الحاجب أنه لفظي، لكن كلام الغزالي وغيره يدل على أن النزاع فيها معنوي؛ لأنهم ذكروا أنها قطعيَّة عند الباقلاني على معنى وجوب القطع بتخطئة من خالف فيها؛ لأنها من مسائل الأصول كوجوب القطع بتخطئة مخالف الإجماع، وظنية عند قوم على معنى أنه لا يمتنع على المجتهد في هذه المسألة بالوقف والترجيح على حسب ما يظهر في نظيره في آحاد الوقائع من القرائن والترجيحات الموجبَة للتفاوت والتساوي، من غير تخطئة المخالف فيها؛ إذ لا دلالة فيها نفياً وإثباتاً ظنية غير قطعية، وكانت ملحقة بالمسائل الإجتهادية دون القطعية.

  (والرابع) من أنوع المخصص المنفصل: المعنوي الشرعي (الإرادة) من دون قرينة على التخصيص لا لفظية ولا معنوية (عند القاسمية والفريقين) الحنفية والشافعية، (فيصح تخصيصها لعموم غير الشارع) فأمَّا عمومه فلم يقع فيه التخصيص بالإرادة، لا مع ذكر العام ولا مع حذفه لما فيه من التلببيس.

  إذا عرفت هذا فإن كان العام (مذكوراً) نحو: والله لا آكل الطعام، وينوي إلاَّ البر، صح تخصيصها (اتفاقاً) بين العلماء.

  (و) إن كان العام (محذوفاً) نحو: لا آكل ولا أكلم فيصح تخصيصها (عند القاسمية خلافاً للحنفية) فزعموا أنها لا تخصص.

  (وللمؤيد) بالله (والشافعي قولان) قول يخصص بالنية وقول لا يخصص، وهذه المسألة هي لُبَابُ الخلاف في مسألة لا آكل وثمرتها، فلذا كان ينبغي من المؤلف الاستغناء بما قدمه، فلذا خالفنا هذا الأسلوب حيث حصل بما تقدم الغرض المطلوب، وليس للمصنف اعتذار عن التكرار إلا ما عسى أن يقال الكلام هناك في عموم الفعل، وهنا في خصوص الإرادة أو نحو ذلك مما لا يجدي، إذ ضم ما هنا إلى ما هناك يكفي ويغني، ثُمَّ أن السيد حكى الشافعي فيما سبق قولاً فقط كقول القاسمية، وللمؤيد بالله قولاً فقط كالحنفية، فينظر في الفعل وأيهما أصح.