الباب الرابع من أبواب الكتاب: باب الخصوص
  واحتج المخالف: بأن المعطوف يقتضي أنه لم يدخل في المعطوف عليه، لاقتضاء المعطوف والمعطوف عليه المغايرة، والمراد بالملائكة في الآية غيرهما.
  قلنا: التغاير في اللفظ قد ينزل منزلة التغاير في الذات، كقوله:
  وألفى قولها كذباً وميناً
  فإن المين هو الكذب، وقوله:
  وهند أبى من دونها النأي والبعد
  (وكذا) لا يخصص (بعطف عام على خاص) متقدم على العام (نحو) قوله تعالى ({وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ٨٧}[الحجر: ٨٧])، فإن القرآن عام للسبع المثاني وغيرها وهي الفاتحة، وقيل: السبع الطوال، وقيل: الأسباع، والكلام كالكلام والحجة كالحجة.
  ويمكن أن يقال هنا: يطلق القرآن على القليل والكثير، ألا ترى إلى قوله تعالى {بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ}[يوسف: ٣]، أي سورة يوسف، فما وراء الفاتحة والسبع الطول، يقال له: قرآن، وإن أريد أن السبع هي الإسباع، فالمعنى: ولقد آتيناك ما يقال له السبع المثاني، والقرآن العظيم، مثل أن تقول: ولقد أرسلنا إليك بالذي سمى زيداً وأبا الفوارس، فعلى هذا ليس مما فرضه المصنف محلاً للخلاف.
  (ولا) يخصص (بالضمير الراجع إلى بعض ما تناوله) العام، وذلك (نحو) قوله تعالى {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}[البقرة: ٢٢٨]، مع قوله تعالى ({وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ) فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا}[البقرة: ٢٢٨]، فإن هذا عام للرجعية والبائنة، والضمير في قوله: {بِرَدِّهِنَّ} بالرجعيات، فلا يقتضي تخصيص التربص بالرجعيات، بل يعم الرجعيات والبائينات.
  (خلافاً للحفيد وابن زيد والجويني) فقالوا: إنه يجب تخصيص العموم بذلك.
  (وتوقف أبو الحسين) [عزاه المؤلف عنه إلى المعتمد، وصرح بالوقف لأبي الحسين وزاد الجوينيَّ سعدُ الدين، فيما حكاه عن الآمدي](١)، (وابن الملاحمي والرازي) والمذكور في المختصر أن أبا الحسين يقول بمقالة الجويني.
(١) ما بين القوسين زيادة من هامش النسخة (أ) ورمز له بالتصحيح.