الباب الرابع من أبواب الكتاب: باب الخصوص
  المخرج له أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة من رواية ابن عباس ® «(أيما أهاب دبغ فقد طهر») ولفظ مسلم «إذا دبغ الأهاب فقد طهر»، فهذا عام لكل إهاب كان للشاة أو غيرها (ثُمَّ) ورد لفظ خاص يدل على بعض ما تناوله العام نحو (قوله ÷ في شاة ميمونة «دباغها طهورها») فإنه خاص بإهاب الشاة دون غيرها، وفي الحديث من رواية ابن عباس، وأخرجه الشيخان، لكن بلفظ: تُصُدِّق على ميمونة بشاة فماتت، فمر بها رسول الله فقال: «هلا أخذتم أهابها فدبغتموه فانتفعتم به»؟ فقيل له: وإنها ميتة فقال: «إنما حرم أكلها»، وله روايات أخر ليس فيها ذكر لفظ «دباغها طهورها» من روايتهما، ورواية الموطأ والترمذي والنسائي وأبي داود، وإنما الذي فيه ذكر «دباغها طهورها»، حديث سلمة بن المحبِّق المخرج له أبو داود أن رسول الله صلى الله عليه جاء في غزوة تبوك على أهل بيتٍ، فإذا قربة معلقة فسال الماء فقالوا: يا رسول الله إنها ميتة، فقال: «دباغها طهورها»، إذا عرفت هذا فلنعد إلى الدليل لنا، وذكر شبهة المخالف.
  فنقول: لنا: أنه لا تعارض بينهما لعدم المنافاة بين العام والخاص، وكان هو الموجب للتخصيص؛ لأنه إذا تعارضا تعذر العمل بهما من كل وجهٍ، فيصار إلى العمل بهما من وجه، وإذ لم يتعارضا فيجب العمل بهما من كل وجهٍ من غير تخصيص، عملاً بالمقتضى السالم عن المعارض، قال: قد ذكرتم أن المفهوم يخصص العموم ومفهوم الخاص نفي الحكم عن سائر صور العام، فوجب أن يخصصه.
  قلنا: هذا عام مفهوم اللقب، وهو مطرح عند العاملين بدليل الخطاب إلا الشاذ، ولو سلم فإنه كان يجب الاقتصار على الشاة دون غيرها.
  والحاصل: أن هذا فرع الخلاف في مفهوم اللقب، فمن أثبته خص به.
  (بخلاف) ما إذا كان لتلك الأفراد الموافقة مفهوم معتبر نحو: قولنا: (في الغنم زكاة) هذا عام لكل غنم (ثُمَّ إذا قيل بعد ذلك (في الغنم السائمة زكاة) فإن هذا يخصص العام؛ لأن المفهوم مفهوم معتبر؛ إذ هو مفهوم الصفة.
  (ولا) يخصص العموم أيضاً (بمقدر مخصوص في الجملةالثانية) يعني أن الخطاب إذا كان مركباً من جملتين أحدهما معطوفة على الأخرى، هل يجب إذا ظهر في الأوَّل شيء أن يضمر في الثانية إذا لم يظهر أو لا، ثُمَّ إذا وجب ذلك وكان هذا المضمر في الجملة الثانية مخصصاً لدلالة قامت هل يجب أن يكون المظهر في الجملة الأولى مخصصاً لما خصصت به الجملة الثانية؟