الباب الرابع من أبواب الكتاب: باب الخصوص
  قلنا: لو قدر بكافر الأول بالحربي فيلزم أن يكون الحديث دليلاً على وجوب قتل المسلم بالذمي؛ لأنه يدل على تقيد عدم وجوب القصاص لكون الكافر حربياً، فعند انتفاء القيد ينفى الحكم، فيلزم وجوب القصاص ولا قائل بكون الحديث دليلاً على وجوب قتل المسلم بالذمي.
  أبو الحسين قال: ليس التمسك بظاهر العطف وترك ظاهر العموم أولى من العكس، فوجب الوقف.
  (ولا) يخصص العموم (بمذهب الصحابي حيث يخالفه) أي حيث مذهب ذلك الصحابي يخالف العموم (غالباً) احتراز من أن يكون قول الصحابي حجة كأمير المؤمنين # فيخص العموم وسيأتي بيان كون قوله حجة إنشاء الله تعالى، (ولو كان) ذلك الصحابي (راويه) أي العموم (خلافاً للحنفية والحنابلة) فزعموا أن العموم يخصص بذلك، (و) خلافاً (لبعض علمائنا) في الحواشي وهو الداعي (حيث لا يكون للاجتهاد فيه مسرح).
  وأنت خبير بأنه لا ينبغي أن يخالف في مثل هذا، وسيأتي في باب الأخبار إنشاء الله تعالى أن ما هذا حاله فإنه يحمل على التوقيف وصدره المؤلف لأئمتنا.
  وقال (الشافعي: إن حمل العموم على الخصوص) كما روى عن ابن عباس عن النبي ÷ «من بدل دينه فاقتلوه» فهذا عام للرجال والنساء، وقد أخرج منه ابن عباس النساء، (لم يخص بمذهبه) كما ذكره الجمهور، (وإن حمل ما يحتمل معنيين على البدل على أحدهما) كأن يحمل قوله ÷ «اعتدي بأقرائك» على الحيض أو على الطهر، (خص به) أي عمل بقول الصحابي فيه.
  وقال (القاضي) عبد الجبار: (إن حمله) أي العموم الراوي له (على الخصوص) الذي ذهب إليه (لفهمه) للخصوص (من قصد النبي ÷ وعلم الراوي منه) أي من النبي ÷ (بقصد أو قرينة) حالية أو مقاليَّة تدل على أنه لم يرد بالعموم ظاهره (وجب اتباعه) أي الصحابي (في التخصيص) للعموم، (و) وجب اتباعه (في الحمل على أحدهما) أي المعنيين كما مثلناه آنفاً، (وإلا) يكن الحمل على الخصوص لما ذكر، بل لاجتهاده ونظره (فلا) يجب اتباعه في التخصيص والحمل، (وهو اتفاق) بيننا وبينه؛ لأن التخصيص والمجمل حينئذٍ ليسا مذهباً له، بل هما روايتان وهو يجب قبول روايته مع تكاملها سواء كانت في تخصيص أو في تعيين أو نحوها.