فصل: [في ما يمتنع تخصيصه]
فصل: [في ما يمتنع تخصيصه]
  (و) إذ قد ذكرنا ما يجوز تخصيصه فلنذكر ما يمتنع تخصيصه فنقول:
  (يمتنع تخصيص العام حتَّى لا يبقى شيء مما تناوله اتفاقاً) وذلك لأنه بمثابة الاستثناء المستغرق وهو باطل بالإجماع.
  (واختلف في الغاية التي ينتهي إليها التخصيص) للعموم، ثُمَّ لا يجوز بعدها (فعند الشيخ) الحسن (والجويني وبعض اللغويين وغيرهم) كالشيخ أبي إسحاق وأكثر أهل العدل وهو المختار، ولهذا صدره (يجوز) التخصيص (إلى واحد في كل ألفاظ العموم) من الجموع المعروفة وغيرها.
  وقال (الإمام) يحيى (وأبو الحسين والغزالي والرازي: يمتنع في كلها) أي في كل ألفاظ العموم (إلى دون أقل الجمع) وسيأتي تحقيقه إنشاء الله تعالى.
  وقال (المنصور) بالله (والحفيد: إن كان جمعاً معرفاً) بلام الاستغراق (جاز إلى واحد، وإن كان غيره) من سائر ألفاظ العموم (فإلى ثلاثة، وعَكَّس القفال) فقال: إن كان جمعاً معرفاً لم يجز بدون الثلاثة، وإن كان بغيره من ألفاظ العموم جاز.
  وقال الإمام (الداعي) إلى الله يحيى بن المحسن # (وابن زيد) التخصيص للعموم (إن كان بالاستثناء جاز إلى واحد) كما يقول الأولون (وإن كان بغيره) أي بغير الاستثناء من سائر المخصصات المنفصلة والمتصلة (كان الباقي) بعد التخصيص (أكثر) من المخرج به (أو مساوياً) له، وفي الحكاية عن الداعي نظر، فإني رأيت في مقنعه أنه يقول: كأبي الحسين.
  والحجة لنا: أن استعمال العام في غير الاستغراق استعمالاً له في غير ما وضع له، فليس جواز استعماله في البعض أولى منه في البعض الآخر، فجاز استعماله في جميع الأقسام إلى أن ينتهي إلى الواحد.
  احتج الإمام ومن معه: بأن أقل الجمع ثلاثة، ولفظ العموم كالجمع لا يطلق على المذهب إلا على ثلاثة، فكذلك العموم.
  قلنا: الكلام في أقل مرتبته يخصص إليها العام، لا في أقل مرتبة يطلق عليها الجمع، فإن الجمع ليس بعام ولم يقم دليل على تلازم حكمها، فلا تعلق لأحدهما بالآخر فلا يكون المثبت لأحدهما مثبتاً للآخر.