الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في ما يمتنع تخصيصه]

صفحة 526 - الجزء 1

  احتج الحفيد: بأن المعرف باللام قد أطلق على دون الثلاثة، فلو لم يكن جائزاً لما وقع، مثاله قوله تعالى {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا}⁣[المائدة: ٥٥]، والمراد علي #، وقوله {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ}⁣[آل عمران: ١٧٣]، والمراد نعيم [بن مسعود] وأبو سفيان بالأول والثاني.

  فأمَّا ما عدا الجمع المعرف فبيان استحالته: أن قائلاً لو قال: سلمت على جميع القادمين، ورأيت الوفد كلهم أجمعين، فإنه لا يجوز في اللغة أن يعني بهذا تسليمه على رجل واحد ورؤيته، لا حقيقة ولا مجازاً، وهكذا لو قال: أكلت كل الرمَّانة لم يصدق معه أكل حبة أو حبتين.

  وأجيب: بأنه للتعظيم وليس من التعميم والتخصيص في شيء، في الأول.

  وأما الثاني: فإنما أطلق لفظ الناس على نعيم لأنه لم يخل من ناس من أهل المدينة يضامونه ويصلون كلامه، وهكذا المراد بالثاني أبو سفيان وأصحابه، هذا مع المناقشة الجدلية، وإلا فهو في هذا الطرف عين مذهبنا.

  وأمَّا ما ذكره في جميع وفي كل فلا يسلم ذلك؛ إذ نقول: من أين حصل لك المنع؟ أبدلالة أم بضرورة؟.

  فالضرورة لا يمكن دعواها مع ظهور الخلاف، والدلالة غير موجودة، غاية ما يقال في ذلك أنه غير مستحسن، وذلك لا يمنع من جوازه.

  واحتج القفال: بأن الألفاظ المعرفة مصرحة بالجميع قاضية بالاستغراق، وأقل الجمع ثلاثة، فاستعمالها فيما دون الثلاثة استعمال الشيء في غير حقيقته، وما عدا ذلك جارٍ مجرى اسم الجنس الذي يطلق على القليل والكثير كالماء والعسل.

  قلنا: فيلزم أن لا يسوغ العدول بها عن الاستغراق؛ لأنها موضوعة له؛ إذ يلزم استعمال الشيء في غير حقيقته وهو يمنعه، وأمَّا الباقي فلا نجيب عنه فيه.

  واحتج القائلون بذلك في الاستثناء دون غيره: بأن الاستثناء قد أخرج منه أكثر مما بقي كما سبق، واحتجوا على غيره بحجة السابقين، والجواب كالجواب.

  (فأمَّا إطلاق لفظ الجمع على الواحد المعظم فجائز) لورود القرآن بذلك، قال تعالى {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ٩}⁣[الحجر: ٩]، وفي فصيح الكلام قال الشاعر:

  أنا وما أعني سواي