الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الرابع من أبواب الكتاب: باب الخصوص

صفحة 527 - الجزء 1

  ولقول عمر بن الخطاب - وقد أنفذ إلى سعد بن أبي وقاص القعقاع مع ألف فارس -: قد أنفذت إليك ألفي رجل، وهذا ليس من التخصيص.

  (واختلف في أقل الجمع) كم هو:

  (فعند أئمتنا والجمهور) من العلماء (وبعض السلف) كابن عباس وابن مسعود (أنه ثلاثة) وإذا أقر أو أوصى أو نذر مثلاً لم يقبل تفسيرها بدون ثلاثة.

  (وعند أبي العباس وثعلب والباقلاني وبعض السلف) كعمر وزيد بن ثابت (و) بعض (الفقهاء إثنان وهو أحد قولي المؤيد بالله) ذكر ذلك عنه ابن مظفر في شرح التذكرة فيقبل التفسير بهما.

  واعلم أنه لا نزاع في لفظ الجمع ولا في نحو: نحن فعلنا، ولا نحو: فقد صغت قلوبكما، إنما النزاع في نحو: رجال ومسلمين وضربوا واضربوا، والمختار صحة إطلاق محل النزاع على الاثنين مجازاً، وخالف في ذلك بعضهم.

  لنا: أما أنه ليس بحقيقة في الاثنين فلأنه يسبق إلى الفهم عند إطلاق هذه الصيغ بلا قرينة الزائد على الاثنين، وذلك دليل على أنه حقيقة في الزائد على الاثنين لأمر فيهما، لما علمت من أن علامة المجاز أن يتبادر غيره.

  وأمَّا أنه صحيح إطلاقه على اثنين فلقوله تعالى {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ}⁣[النساء: ١١]، فأطلق الأخوة والمراد الأخوان فما فوقهما إجماعاً، ويدل على الأمرين جميعاً أنه قال ابن عباس لعثمان: ليس الأخوان أخوة في لسان قومك فقال: لا أنقض أمراً كان قبلي وتوارثه الناس، واستدل ابن عباس ولم ينكر عثمان عليه، بل عدل إلى التأويل وهو الحمل على خلاف الظاهر بالإجماع، فدل ذلك على صحته وأنه ليس حقيقة فيهما.

  قالوا: أولاً: قال تعالى {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ}⁣[النساء: ١١]، والمراد بها ما يتناول الأخوين اتفاقاً، والأصل في الإطلاق الحقيقة.

  قلنا: قصة ابن عباس تدل على أنه مجاز فارتكبناه وإن كان خلاف الأصل.

  قالوا: ثانياً: قال ÷ «الاثنان فما فوقهما جماعة»، وأنه صريح في إطلاق لفظ الجمع عليهما؛ لأن الجمع والجماعة بمعنى واحد.