فصل: [في تعارض العام والخاص]
  وثالثها: أن تكون الرواية لأحد الخبرين أشهر من الأخرى.
  ورابعها: أن يكون أحد الخبرين متضمناً حكماً شرعياً.
  وخامسها: أن يكون أحد الخبرين بياناً للآخر كاتفاقهم على أن قوله # «لا قطع إلا في ثمن المجن» بيان لآية السرقة.
  قال الإمام: قال أبو الحسين: وهذه الأمور كلها أمارة لتأخر أحد الخبرين؛ لأن الخبر لو كان متقدماً منسوخاً لما اتفقت الأمَّة على استعماله، ولا كان النقل له أشهر، ولا أجمعوا على كونه بياناً، ولا شرطوا تضمنه لحكم متضمناً حكماً شرعياً؛ لأنه إذا كان متضمناً حكماً شرعياً فهو متأخر، وتضمنه حكماً عقلياً يقتضي المصاحبة لحكم العقل لما سيأتي إنشاء الله تعالى.
  (أو الرجوع إلى دليل آخر) إن وجد ذلك الدليل (إن أمكنا) أي الترجيح والرجوع، والترجيح مقدم، (وإلا) يمكن أحدهما (فالوقف) فيهما لأجل التعارض.
  لنا: أن الخاص أقوى دلالة على ما تناوله من العام، والأقوى راجح، فالخاص راجح، بيانه: أن العام يجوز إطلاقه من غير إرادة ذلك الخاص، أمّا ذلك الخاص فلا يجوز إطلاقه من غير إرادة ذلك الخاص، فثبت أنه أقوى، وأيضاً إجراء العام على عمومه يوجب إلغاء المخصوص مع إمكان العمل به، واعتبار الخاص لا يوجب إلغاء واحد منهما فكان أولى.
  [٢] (وإن علم تأخر الخاص) عن العام (فإن تأخر بمدة لا يمكن فيها العمل فتخصيص على المختار) إشارة إلى خلاف من يجيز النسخ قبل إمكان العمل فإنه يجعله ناسخاً، (وإن تأخر) الخاص (بمدة يمكن فيها العمل بالعام فقيل: ناسخ) لما تناوله الخاص من إفراد العام لا مخصص، (ويأتي) هذا القول (على أصلٍ مانع تأخير البيان) المجمل من الأدلة عن وقت الخطاب (إلى وقت الحاجة) لأنه لما ورد العام ولم يقارنه ما يدل على التخصيص دل ذلك على أنه غير ظاهر في الإرادة، أعني أن الشارع أراد منا العمل بالعموم، ثُمَّ نسخ البعض منه بذلك الخاص، ولا يجوز أن يكون تخصيصاً؛ لأن في عدم مقارنته إيهام وجوب جميع أفراد العام وهي غير واجبة جميعها، وذلك لا يجوز.
  (وقيل) بل ذلك الخاص المتأخر (مخصص) للعام لا ناسخ (ويأتي) هذا (على أصل مجوزه) أي مجوز تأخير البيان، وسيأتي إنشاء الله تعالى الكلام في هذا.