الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في أحكام ورود المطلق والمقيد المثبتين]

صفحة 535 - الجزء 1

  للمخاطب، وهو للغائب، (و) أسماء الإشارة مثل (هذا الرجل)، والمعرف باللام نحو: الرجل، لصدق حقيقته على جميع هذه الأمور، ويدخل فيه أيضاً العمومات كلها.

  (وقد يطلق المقيد) على معنى آخر غير ما ذكر وهو (ما أخرج من شائع في جنسه) بوجهٍ من الوجوه المقتضية للإخراج (كـ {رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ}⁣[النساء: ٩٢]، فهي) أي الرقبة المقيدة بالإيمان (وإن كانت مطلقة في جنسها) وهو الرقبات المؤمنات، وذلك لإطلاق حاصل (من حيث هي رقبة مؤمنة) لصدقها على آحاد كثيرة، كصدق رجل (فهي مقيدة بالنسبة إلى مطلق الرقبة) التي يصدق عليها المؤمنة والكافرة، فأزيل ذلك الشياع عنها، وقيد بالمؤمنة، فهي مطلقة من وجه مقيدة من وجه.

  (والمبحوث عند الأصوليين هو الثاني) وهو ما أخرج من شائع في جنسه؛ لأنه الذي يتعلق به الأحكام دون الأول، (وتقييد المطلق) بقيد يخرجه من شياع (يشبه تخصيص العام) من حيث أن كل واحدٍ منهما يقتضي إخراج ما تناوله غيره، (فما ذكر في التخصيص من) انقسامه إلى: (متصل ومنفصل، ومتفق عليه ومختلف فيه، ومختار) من الوجوه الدالة على التخصيص، (ومزيف) منها (يجري في تقييد المطلق) فعليك بالنظر والاعتبار ونقله إلى هنا، ويزاد هاهنا فصلان لحمل المطلق على المقيد على التقييد به.

فصل: [في أحكام ورود المطلق والمقيد المثبتين]

  (وإذا ورد) عن الشارع كلام (مطلق و) كلام (مقيد) وهما (مثبتان) لا إذا كان منفيين مثل: لا تعتق رقبة كافرة، فما هذا حاله ليس من هذا الباب، بل من باب العموم مع الخصوص، ولأن سلمنا فلا حمل لإمكان الجمع بأن لا يعتق أصلاً، فإذا تقرر أنهما مثبتتان فلهذا أربعة أطراف:

  لأنه إمَّا أن يتحد السبب والحكم، أو يختلفا، أو يتحد السبب ويختلف الحكم، أو بالعكس:

  والمراد بالإتحاد في الحكم الإتحاد في الجنسية، خاصة فيما اختلف سببه.

  [١] (فإن اتحد سببهما وحكمهما) بأن يكونا ظهاراً وعتقاً (نحو: أعتق رقبة في الظهار، أعتق رقبة مؤمنة):

  (فإن تأخر) ورود (المقيد) عن المطلق (بمدة لا يمكن فيها العمل بالمطلق فهو مقيد به على المختار) خلافاً لمن يجيز النسخ قبل إمكان العمل، وسيأتي الكلام على ذلك إنشاء الله تعالى.

  لنا: أن التقييد عمل بهما وجمع بينهما، فالعمل بالمقيد عمل بالمطلق بخلاف العكس.