الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في أحكام ورود المطلق والمقيد المثبتين]

صفحة 536 - الجزء 1

  واحتجوا: بأن تأخر المقيد عن المطلق في الخطاب كتأخره عنه وقت العمل بجامع التأخر.

  قلنا: ولا سواء فإن التأخر عن وقت الخطاب ليس فيه اقتضاء عمل بخلاف العكس.

  (وإن تأخر) ورود المقيد عن ورود المطلق (بمدة يمكن فيها العمل بالمطلق فناسخ) للمطلق (عند مانع تأخير البيان إلى وقت الحاجة) بمعنى أنه أريد الإطلاق فوقع وانتهى.

  (و) هو (مقيد) بالمطلق (عند مجوزه) وهو المختار أي مجوز تأخير البيان ... الخ.

  لنا: أنه يخرج العمل بالمقيد عن العهدة هنا، سواء كان مكلفاً بالمطلق أو بالمقيد بخلاف العمل بالمطلق؛ إذ قد يكون مكلفاً بالمقيد فلا يعمله، فلا يخرج عن العهدة، ولو كان التقييد نسخاً لكان كل تخصيص بمعنى قصر العام على البعض نسخاً؛ لأنه مثله في بعض الشيوع وقطع الحكم عن بعض الأفراد، بل ذلك في التخصيص أولى، وليس كذلك في الاتفاق.

  وقد أجيب: بأن في التقييد حكماً شرعياً لم يكن ثابتاً من قبل وهو يرفع حكماً شرعياً، وفي التخصيص لا حكم ولا رفع، بل مجرد رفع، فلا يلزم من كون التقييد الذي هو حكم شرعي نسخاً كون التخصيص الذي ليس كذلك نسخاً، ومعرفة القول في هذه الصورة يتضح لك بمعرفة ما هي مرتبة عليه.

  (وإن تقدم المقيد على المطلق) وعلم ذلك (أو جهل ذلك) التقديم (فقياس الخلاف ما تقدم) في آخر باب الخصوص، والحجج كالحج، فلا وجه للإعادة.

  [٢] (وإن اختلف سببهما وحكمهما نحو زك بدنة عن النصاب واهد بدنة سائمة عن القران لم يحمل المطلق على المقيد) ولا المقيد على المطلق؛ لأنهما مختلفان في الوجوب والكيفية والوقت (اتفاقاً) ولا فرق هنا بين أن يكونا مأمورين أو منهيين أو مختلفين.

  ووجه عدم الحمل هنا: ظاهر، اللهم إلا في مثل: إن ظاهرت فأعتق رقبة، لا تملك رقبة كافرة، فإن تقييد المطلق في هذه ينفي الكفر، وإن كان الظهار والملك حكمين مختلفين اتفاقاً لتوقف الإعتاق على الملك وهو واضح وسيأتي إنشاء الله تعالى.

  [٣] (وإن اتحد سببهما) الذي وجبا لأجله (واختلف حكمهما) بأن يكونا من جنسين (نحو: اكس ثوباً عن الكفارة وأطعم طعام الملوك عن الكفارة، فكذلك) في أنه لا يحمل المطلق على المقيد اتفاقاً لعدم الموجب، هذا كلامه.

  وقال في جمع الجوامع وشرحها: إن الخلاف في هذه كالتي بعدها.