الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [المطلق المشبه لمقيدين على أيهما يحمل؟]

صفحة 537 - الجزء 1

  [٤] (وإن اتحد حكمهما واختلف سببهما كقوله تعالى في الظهار: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ}) من غير تقييد لها بإيمان (وفي القتل فتحرير رقبة مؤمنة) فالحكم واحد وهو التحرير، والسبب مختلف وهو الظهار والقتل، فهذه مسألة الخلاف:

  (فعند أقل الشافعية أنه يحمل المطلق على المقيد سواء كان بجامع) بينهما يقتضي إلحاق المطلق بالمقيد (أو بغيره) أي بغير الجامع؛ لأن كلام الله واحد وبعضه يفسر بعضاً.

  وليس بسديد كما ترى، وأنه يوجب في كل عام ومطلق أن يكون مقيداً بكل حال، وفساده ظاهر.

  (وعند الحنفية لا يحمل) المطلق على المقيد في ذلك (سواء كان بجامع) بينهما (أو غيره) لعدم صحة القياس، بناء على أن المقيس عليه ليس حكماً شرعياً، بل عدماً أصلياً وهو عدم إجزاء الكافرة حال الكفر؛ لأن إجزاء المؤمنة ثابت بالنص المطلق، ومن شروط القياس أن يكون المقيس عليه حكماً شرعياً، وأيضاً من شرط القياس أن لا يوجد في المقيس نص دال على الحكم المعدى أو عدمه، وقد دل النص المطلق على إجزاء الكافرة وعدم وجوب قيد الإيمان.

  قلنا: المقيس هو وجوب قيد الإيمان في رقبة كفارة الظهار على وجوبه في كفارة القتل وهو حكم شرعي، ولا نسلم أن النص المطلق يدل على عدم وجوب قيد الإيمان، بل المطلق أعم من أن يكون في ضمن المقيد أو غيره.

  وقال (أئمتنا والمعتزلة والأشعرية: وصحح للشافعي) صححه ابن الحاجب ما معناه: (إن قام دليل على الحمل للمطلق على المقيد من قياسٍ) للمطلق على المقيد بعلة جامعة (أو غيره) من الأدلة المقتضية للحمل (حمل) المطلق (عليه) أي على المقيد، (وإلا) يدل دليل على ذلك (فلا) يحمل المطلق على المقيد، فإذا كان هناك علة جامعة وجب إلحاق أحدهما بالآخر؛ لأن القياس أحد طرق الشرع المقررة، فيكون كتخصيص عام ليس محلاً للتخصيص بالقياس على عام هو محل للتخصيص، ويجيء هنا ما ذكر هناك من الدليل والسؤال والجواب.

فصل: [المطلق المشبه لمقيدين على أيهما يحمل؟]

  (ويحمل المطلق) في موضع (المشبه لمقيدين، قيدُ كل واحدٍ منهما مخالف لقيد الآخر على أكثرهما شبهاً) إن وجد، لامتناع تقييده بهما جميعاً لتنافيهما فيحمل على ما قوي شبهه به؛ إذ قوة الشبه من حجةٍ للحمل.